كنت موجودا مصادفة بأحد المستشفيات التعليمية الكبري، وبينما يأخذنا الحديث حول ظروف المعيشة دخل طبيب برعاية المخ والأعصاب وقال بحزن: «بتتكلموا فى إيه أنا مساعد جراح لأورام المخ وعمرى 31 سنة والمفروض أتجوز أو افسخ خطوبتى لأسافر، ولأننى لا أملك تكاليف الزواج ودخلى من عشرة إلى 12 ألف جنيه من عملى الحكومى والخاص وهى لاتكفى المعيشة وإيجار سكن فى منطقة عادية، لذلك قررت الهجرة ربما أتزوج وأعيش كويس مثلما يعيش كل الناس الذين يعملون بجدية..

وأضاف الطبيب: زمايلى سافروا إلى بريطانيا ودخلهم الشهرى من 6 إلى 8 آلاف جنيه إسترلينى تكفى لحياة كريمة لطبيب لكننا هنا نعمل بأجر قليل..

كلام هذا الطبيب تؤكده إحصاءات نقابة الأطباء حيث عدد المقيدين بالنقابة يبلغ 220 ألف طبيب، منهم 120 ألفا يعملون خارج مصر، وكشفت تقارير حديثة عن أن 4 آلاف طبيب استقالوا من القطاع الحكومى فى سنة واحدة أخيرا، بينما سجلت المستشفيات الجامعية خروج مئات الأطباء من مصر بحثا عن أى فرصة جديدة.

هذا الخلل يعتبره رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى بمثابة المكافأة والتميز عندما قال أخيرا إن خروج الأطباء للعمل بالخارج شيء جيد ومشرف، وأن الدولة تشجع على الهجرة، والأمر ذاته للمهندسين وغيرهما من القطاعات الأخري، وهنا إذا كان رئيس مجلس الوزراء يقصد أنه من حق مصر أن تفرح بطلب الدول شبابها النابه للعمل، لكن أيضا يجب ان نزيد من الاهتمام بشباب الأطباء الذين يعملون وسط ظروف صعبة بسبب تدنى الأجور. كذلك أهمية التقدير لمهن يعد أصحابها من خيرة أولادنا وهم الذين أنفقت عليهم الدولة وعلمتهم وأغلبهم من خريجى الجامعات الحكومية.