لا يُدرِك مَن يندفعون فى عمليات الغش الإلكترونى فى الامتحانات أنهم لن يفلتوا من المساءلة والعقاب إلا بتطوير مهاراتهم الإلكترونية، ليس فقط فى استخدام الثغرات، وإنما الأهم، وبالتوازى، أن يكتشفوا طرقاً تنجح فى التغطية على أشخاصهم، ذلك لأن التطور الهائل لدى أجهزة الدولة فى التقنية الإلكترونية جعل الأمر لا ينتهى بعد التسريب، كما كان يحدث فى الماضى القريب، أى أنه بعد التسريب كان يمكن لمن قام به، فى السابِق، أن يعتبر نفسه نجح فى اختراق النظام، أما الآن فلم يعد بإمكانه أن يدعى نجاحه ما دام أنه لم يغلق سبل الوصول إليه، أمام تطور تقنيات المُلاحَقة التى تتابع على الهواء حركة تداول ورقة الأسئلة التى جرى تسريبها حتى تصل إلى أول من أرسلها، فتقبض عليه فى أقصر وقت! وهذا ما لخصَّه بيان وزارة التربية والتعليم الخميس الماضى عن تمكن فريق مكافحة الغش بغرفة عمليات الوزارة من تحديد هوية الطالب المسئول عن تصوير أسئلة امتحات مادة اللغة الأجنبية الأولى، بعد بدء لجنة الامتحان فى التاسعة صباحاً، حيث ضُبِطَ المُتسَبِّب فى تصوير الأسئلة ونشرها، واتُخِذَت الإجراءات القانونية حيال الواقعة. وكانت صفحات الغش تداولت أجزاء من أسئلة امتحان مادة اللغة الأجنبية الأولى بعد بدء لجنة الامتحان، وزعمت الصفحات تصوير الأسئلة الأصلية للامتحان ونشرها على (جروبات) الغش، فيما تابعت غرفة العمليات بالوزارة مسار الأسئلة المُتداوَلة، حتى وصلت إلى منبعها، فألقت القبض على الطالب الذى قام بالتسريب.

وهكذا، فإن السباق، بين منتهكى القانون والمسئولين عن إنفاذه، لن يتوقف، فكلما اكتشف منتهكو القانون ثغرة، كلما سعى منفذو القانون إلى سدّها وتطوير أدوات للملاحَقة. وهى قاعدة صارت تتجلَّى فى كل الجرائم. فقد قُتِلَت مذيعة تليفزيون، منذ عام، على يد زوجها القاضى وصديقه، بالقرب من القاهرة، وبينما توهم رجل القانون أن وظيفته الرفيعة ستردع ملاحقيه، وأنه بخبرته قد تستَّر على الأدلة، وأنه باختبائه فى السويس قد ابتعد عن مظان الأمن، فوجئ بأن القانون يُطَبَّق عليه مثل غيره، وبأجهزة الأمن تلقى القبض عليه، بعد متابعة مكالماته على الموبايل، واقتفاء مسار الملصق الإلكترونى على سيارته، كما توصل رصد موبايل الضحية إلى اكتشاف جثمانها لأنه كان مدفوناً معها!!