حُكْمٌ قضائىٌ مُهمٌ من المحكمة الدستورية العليا لصالح حرية الصحافة برفض طعنين على بعض مواد قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية، اللذين ينصان على حظر توقيع عقوبة سالِبة للحرية فى جريمة قذف الموظف العام بطريق النشر، لأن الحظر، طبقاً للحُكْم، التزام دستورى (المادة 71) بألا تُوَقَّع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى تُرتَكَب بطريق النشر أو العلانية، فى غير الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى أعراض الأفراد، وإنما رصد القانون عقوبة الغرامة، وضاعَف من حدِّيها الأدنى والأقصى، حال وقوع الفعل بطريق النشر، لما لهذه الوسيلة من سعة نشر، فيبلغ الضرر مداه بإطلاع عدد غير محدود على وقائع غير صحيحة نُسِبَت لموظف عام أو شخص ذى صفة نيابية أو مُكَلَّف بخدمة عامة، بسبب أدائه فى الوظيفة أو النيابة أو التكليف العام.

وأشارت المحكمة، بجلستها السبت الماضى برئاسة المستشار بولس فهمى اسكندر، إلى أن أسباب إباحة الطعن فى عمل الموظف العام ومَن فى حكمه، إذا تم بواسطة نشر من صحفى أو إعلامى، قد تحددت فى قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

وقالت المحكمة : إن إباحة الفعل تتساند إلى حرية الرأى والحق فى التعبير، وهما من الحقوق الشخصية التى لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً. وخَلُصَت المحكمة إلى أن المشرع خَصَّ الصحفيين والإعلاميين بقدر من الإباحة يغاير فى نطاقه ومداه سبب الإباحة المنصوص عليها فى المادة (302) من قانون العقوبات، حيث لا يُكلَّف الصحفى أو الإعلامى بإثبات سلامة نيته، وعدم تعدى الطعن إلى غير أعمال الوظيفة العامة، وإثبات حقيقة كل فعل أُسْنِد إلى المجنى عليه، وإنما يكلف سلطة التحقيق أو المحكمة إثبات العناصر طبقاً للقواعد العامة للإثبات فى المواد الجنائية.

يُذْكَر أن هذا الحكم لن يترتب عليه أى تغيير تشريعى، لأنه أكد دستورية مواد قانونية موجودة بالفعل، ورفض قبول الطعن فيها، وربطها بحريات أعلى لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً، كما أنه أكد أن الإباحة الدستورية تكون فى غير جرائم التحريض على العنف والتمييز بين المواطنين والطعن فى أعراض الأفراد. وكلها تفسيرات تدعم حرية الصحافة المسئولة.

ahmadtawwab@gmail.com