من حُسْن حظ أمريكا، إدارة وشعباً ومؤسسات وأجهزة، وخصوصاً وكالة الفضاء (ناسا)، أنهم جميعاً متحررون من متابعة إبداعات العقلية الإخوانية فى الإعلام والسوشيال ميديا، وإلا لكانوا تعرضوا لحملات إخوانية شرسة ضد مشروع إنشاء تليسكوب (جيمس ويب) العملاق لأن ميزانيته تصل إلى قرابة 10 مليارات دولار، وهو ما كان يمكن للإخوان أن يقبلوه لأنه لا يعود على المواطن الأمريكى بأى منفعة، وأن رحلة الفضاء لالتقاط بعض صور من أقصى الكون على مسافة 13 مليار سنة ضوئية هى تبديد للمال العام، وأن الفساد يشوبها، وأنها من فبركة الفوتوشوب، وأنه يجب البحث عن الأفراد والهيئات الأمريكية التى انتفعت من وراء هذا المشروع، فى وقت يئن فيه الاقتصاد الأمريكى من أكبر موجة تضخم، ويعانى الشعب الأمريكى أكبر موجة غلاء، وأنه كان أولى على الإدارة الأمريكية أن تنفق هذه الأموال على البنود المهمة مثل الرعاية الصحية. وكان الإخوان سيفتحون الملفات القديمة لناسا، فى سلسلة المشروعات والرحلات الباهظة لاستكشاف القمر والكواكب والشمس، وستكون مناسبة يهتبلها الإخوان لكسب ثواب إفاقة دافعى الضرائب الأمريكيين والارتقاء بوعيهم إلى أن هناك سفهاً فى إنفاق أموالهم على مشروعات وهمية لدراسة سلوك البط والقردة والأسماك، وسوف ينبهون المواطنين الأمريكيين الغافلين إلى أن المستفيدين من هذا هم أقارب وأصهار كبار المسئولين فى البيت الأبيض والبنتاجون ممن ينتحلون صفة العلماء والباحثين، وأن كل هذا حرام بإجماع الفقهاء الذين لا يقبلون استغفال الرعايا.

ولأن الإخوان لا يخشون فى الحق لومة لائم، فسيتصدّون بكل قوة لخديعة الإعلام الأمريكى الذى يُقدِّم صور التليسكوب (جيمس ويب) للمشاهدين الأمريكيين ولغيرهم بأنها فخر لأمريكا وعلمائها لأنهم نجحوا فى توفير مادة لعموم البشر سوف تُغيِّر مفاهيمهم عن نشأة الكون وتكوينه، ولن يستسلم الإخوان لرؤيتهم أوهام الشعب الأمريكى بالزهو بإنجاز بلاده، وسوف ينبهون المواطنين الأمريكيين الشرفاء إلى أن الحدث الأخير لم يكن ليتحقق إلا لأنهم سكتوا على تبديد أموالهم فى مشروعات داخل أمريكا فى الطرق والكبارى والأنفاق والمونوريل والقطار السريع، وأنه لو كان الشعب الأمريكى تصدَّى لهذا العبث فى بداياته لما انحدروا إلى هذا الدرك!