تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

ترشيد استهلاك كل شئ


حثنا الدين الحنيف على ترشيد الاستهلاك فى كل شئ، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها كل دول العالم حالياً، فقال تعالى (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) "الإسراء 29"، وقال الله تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) "الفرقان 67"، وكذلك قوله تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) "الطلاق 7 "، وقوله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين) "الأعراف 31".
وهذا حديث الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام "عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال (ما هذا الإسراف؟)، فقال سعد: أفي الوضوء إسراف؟ قال عليه الصلاة والسلام: نعم وإن كنت على نهر جارٍ"، أيضا حديث الرسول الكريم عن النهى عن الإسراف فى الطعام ، فعن المقداد بن معد يكرب عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الترمذى، وحديث ثالث عن أنس  رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من السَّرف أن تأكل كل ما اشتهيت)، هذا غير الحديث النبوى الشريف الذى رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:  (اغتنم خمسًا قبل خمس..شبابَك قبل هَرَمِك، وصحتك قبل سقمك، ‌وغناك ‌قبل فقرك، وفراغك قبل شُغلك، وحياتك قبل موتك". 
كل هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة تدعونا إلى عدم الإسراف وترشيد الاستهلاك فى الطعام والشراب وكل ما من شأنه التضييق على الإنسان فى حياته، فكثير من ثقافاتنا الاستهلاكية خاطئة وتؤدى بنا إلى زيادة الأعباء المالية والجسمانية وفى النهاية يصاب الإنسان بالاحباط لعدم مقدرته على الوفاء باحتياجات أسرته، وهذه بعض البنود التى لو أعدنا التفكير فيها وبدانا بترشيد استهلاكنا لها لاختلف الحال ولتوفرت من ميزانية الاسرة مبالغ كبيرة ولانخفض انفاق الدولة على هذه البنود.
أولاً: استهلاك الكهرباء: كثير منا يترك غرف المنزل كلها مضاءة، أو ريسيفر شاشة التليفزيون يعمل دون إطفاء مكتفيا باطفاء الشاشة على الرغم من أن جهاز الريسيفر أكثر استهلاكا للكهرباء من الشاشة، أو يستمر تشغيل جهاز التكييف أو المروحة الكهربائية بينما الغرفة لايوجد بها أحد، أو نترك شاشات التليفزيون تعمل دون وجود أى من أفراد الأسرة جالسا أمامها، وفى النهاية نتجاوز معدل استهلاك الكهرباء المدعم وندخل فى شرائح أعلى، بينما كان من الممكن ببعض الخطوات البسيطة توفير مبالغ كبيرة من ضبط استخدام الكهرباء.
ثانيا: استهلاك المياه: وفى هذا البند حدث ولا حرج ، فمازال الرى بالغمر منتشرا فى زراعات قرى مصر على الرغم من استخدام الرى بالتنقيط فى اماكن كثيرة بمصر ومنذ سنين طويلة، وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد وجه أثناء افتتاح موسم حصاد القمح بجنوب الوادى بدراسة استخدام كمية المياه نفسها فى مساحة الأرض نفسها لانتاج كميات أكثر من المحاصيل أو أنواع من المحاصيل تحقق عائدا أكبر من العملات الأجنبية الناتجة عن التصدير وضرب مثالا بنبات الجوجوبا وغيره، فهذه الثقافة والرؤية يجب أن تشمل كل مناحى الحياة سواء فى استهلاكنا للمياه أو الطعام أوالشراب والكهرباء ،والبنزين وغيرها، حتى ينعكس ذلك على الأسرة وتضبط أوجه إنفاقها. 
إن ثقافتنا فى استهلاك المياه مازالت متوقفة عند توقيت عدم وجود أزمة فيها، فتجد الواحد منا عند استخدامه "حنفية" المياه يتم فتحها حتى النهاية فيتدفق الماء بكميات كبيرة ويزيد استهلاك الشهر من الأمتار المكعبة منها، فلماذا لا يتم تعميم تجربة حنفيات الاستشعار التى تعمل فقط عندما تكون هناك يد تحتها وتتوقف عند ابتعاد اليد من تحتها؟، ففى ذلك توفير لكميات كبيرة من المياه المهدرة سواء فى البيوت أو المصالح الحكومية والخاصة وكل اماكن استخدام المياه.
أما غسيل السيارات فى محطات البنزين فلابد له من وقفة حتى لو كانت هذه المياه نابعة من بئر جوفية ، فالمياه الجوفية لها رصيد ثابت والدولة وضعت خطة وبرنامجا لترشيد استخدامها، كما أن هناك طرقاً حديثة لغسيل السيارات بكميات قليلة جدا من المياه لا تتجاوز لترات معدودة، فلماذا لا يتم تعميمها؟.
ثالثاً: استهلاك خطوط الموبايلات: فالكثير منا، خاصة ربات البيوت العاملات ينفقن الكثير فى تجديد باقات الانترنت لموبايلاتهن لاستهلاكهن أوقاتاً كثيرة فى الحديث مع صديقاتهن أو قريباتهن أو زميلاتهن، ولو قللت المرأة من معدل الحديث اليومى لاستراحت وأراحت ميزانية الأسرة، والحال نفسها مع الشباب وربما الأطفال ايضا الذين يمارسون الألعاب الاليكترونية على موبايلاتهم أو أجهزة الكمبيوتر ويضطرون لتجديد باقات الانترنت لمرتين وثلاثة فيحملون ميزانية الاسرة مبالغ هى فى أشد الاحتياج إليها.
رابعاً: رغيف العيش المدعم: فنظرة الكثير من الأسر لرغيف العيش التموينى المدعم على الرغم من رفع سعره إلى عشرين قرشاً مازالت خاطئة، سواء من حيث الاستهلاك المنزلى أو استخدامه علفاً للحيوانات أوغذاءً للطيور فى الأرياف لكونه أرخص من أى غذاء آخر، بالإضافة إلى إهدار كميات كبيرة منه وإلقائها فى القمامة فتضيع على الأسرة والدولة أموال كثيرة يمكن استخدامها فى دعم سلع أخرى أو توجيهها لمشروعات تنموية.
خامساً: استهلاك الخضراوات والفواكه: فى الخارج يتم شراء الاحتياجات من الخضر والفاكهة بعدد الثمرات وليس بالكيلو كما يحدث عندنا، فكثيراً ما شاهدنا فى دول أوروبية من يشترى ثمرتين من المانجو أو ثمرة واحدة من الخوخ مثلاً ويضعها على الميزان ويتم حساب ثمنها نسبة إلى سعر الكيلو، ففى ذلك توفير كبير ، فلماذا لا نطبق ذلك عندنا؟.
إن ثقافة ترشيد الاستهلاك يجب أن تسود بيننا فى كل شئ، خاصة فى هذه المرحلة التى تشهد فيها الاسعار العالمية ارتفاعا لكل المنتجات، ولعل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى ذكرتها فى البداية تكون دليلنا لترشيد استهلاكنا لكل شئ فى حياتنا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية