تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > أحمد سلام > من خان الخليلي إلى عقل ماكرون

من خان الخليلي إلى عقل ماكرون

في توقيتٍ شديد الدلالة، وعلى أرضٍ عرفت المعارك والصبر والانتصار، حطّ الرئيس الفرنسي ماكرون رحاله في مصر للمرة الرابعة ، لم تكن الزيارة عابرة، ولم تكن مجرد زيارة رسمية تُسجَّل في دفاتر السياسة، ولا بروتوكولًا دبلوماسيًا جافًا، بل كانت بمثابة شهادة دولية تُضاف إلى رصيد وطن قوي بكل معني الكلمة ، وطن تغيّر وتقدم وأصبح يُقرأ بعيون جديدة. 

حين ننظر اليوم إلى ما تحقق في مصر – أمنًا وتنميةً ودورًا إقليميًا متصاعدًا – ندرك تمامًا أن هذه الزيارة لم تأتِ صدفة، ولم تُبنَ على مجاملة، بل على حقائق تُرى، وتحولات تُلمس، ومكانة تُستعاد.

نعم، بإمكاننا أن نتحدث عن فعاليات الزيارة والمكاسب المنتظرة وماتناولته من ملفات، واتفاقيات، وتفاهمات، ولكني اليوم أُسلّط الضوء من زاوية مصرنا التي لا تكتفي بأن تُؤمّن حاضرها، بل ترحب بمستقبلها، وتُحسن استقبال ضيوفها، مسؤولين أو زائرين، بثقة وكرامة وابتسامة لا تصطنع.

ففي مشهد يتجاوز حدود البروتوكول، ويمتزج فيه الحضور الرئاسي بروح الوطن، تابعت بكل فخر كمصري جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

فقد كانت الجولة في منطقة الحسين وخان الخليلي صورة ناطقة بالأمن والاستقرار.. وبالرسالة الواضحة(مصر بخير).

فقد التقط المواطنون صورًا تذكارية «سيلفي» مع الرئيسين، وتبادل الرئيسان التحية مع المواطنين، وصافح الرئيس السيسي عددًا من المصريين أثناء سيره في الشوارع، ورد الرئيس ماكرون  برفع يده وتحية المواطنين والتبسم لهم.

وكانت لفتة ذكية بأن يصطحب الرئيس السيسي ضيفه الي مطعم خان الخليلي ومقهى نجيب محفوظ ، حيث استمتعوا بمشاهد الحياة اليومية الشعبية ، وتفاعلوا مع التجار والحرفيين، وسلطت الجولة الضوء على عمق التاريخ الثقافي لمصر ، وشغف الفرنسيون وغيرهم بالتاريخ والحضارة المصرية.

الحقيقة المؤكدة لكل صاحب عقل أن مثل هذه الجولة لا يمكن أن نراها قبل عشر سنوات، حين كانت البلاد تُكافح الإرهاب وتُطارد الارهابيين في جبالها وسينائها وشوارعها. واليوم، مصر تمشي بثقة على طريق البناء، وقد طهّرت أرضها من التطرف، وفتحت ذراعيها لاستقبال العالم.

فقد تحولنا من مصر التى كانت تُحاصر في نشرات الأخبار، إلى مصر التي تتصدر عناوين الاستقرار والتنمية.

وقد أشاد الرئيس ماكرون حيث قال  إن مصر اليوم هي قوة استقرار إقليمي، ولديها دور رئيسي في الأمن والسلام بالمنطقة"

فهل رأيتم من قبل مشهدًا يختزل هذا الكم من الرسائل الصامتة؟ زائر رفيع من الغرب، في قلب القاهرة، يتجول آمنًا مطمئنًا، وسط ترحيب رسمي وشعبي، وكأن مصر تقول للعالم: “انتهى زمن الخوف، وبدأ زمن الرؤية والإنجاز.”

وقد أنشد حافظ إبراهيم.. وكأنه يكتب عن مصر اليوم( وَقَفَ الخَلْقُ يَنظُرُونَ جَمِيعًا.. كَيْفَ أَبْنِي قَوَاعِدَ المَجْدِ وَحْدِي"

الحقيقة أنه ليس في مصر مكان يُخجل الزائر، ولا زاوية تُخفي خوفًا، بل أماكن مُضيئة، وشوارع آمنة، ومتاحف تتحدث، ومساجد وكنائس تصافح بعضها في العلن، لا في السر.

ففي مصر.. السياسة لها نكهة، والأمن له معنى، والكرامة لها عنوان، شعبها لا يُرهبه التحدي، ولا يُصيبه اليأس، بل يُقاتل من أجل غده، كما قال الشاعر الكبير أحمد شوقي( وطني لو شُغلتُ بالخلد عنه .. نازعتني إليه في الخلد نفسي )

.. فيها حاجة حلوة.. ليست مجرد أغنية، بل حقيقة ملموسة، تُشاهدها في عيون الأطفال، وتسمعها في دعاء الأمهات، وتراها في خطوات القادة.

مصر اليوم ليست فقط أم الدنيا كما يُقال، بل هي قلبها النابض، الذي يُرحب بكل مسؤول، ويستقبل كل سائح، ويحتضن كل محب.

هنا..في قلب العاصمة التي طالما استقبلت ضيوفها على خلفية الأهرامات، يُعاد تعريف مصر اليوم كدولة استقرار وشريك استراتيجي لا غنى عنه.

فهذه ليست المرة الأولى التي تقف فيها القاهرة شاهدة على زيارة زعيم عالمي، فقد اعتادت أن تكون محجًا للرؤساء والقادة من الشرق والغرب، من نيكسون وكارتر إلى بوتين وأوباما، ومن ميركل إلى ميلانيا ترامب ، وغيرهم الكثير والقادم أكثر باذن الله.

لكن ما يجعل زيارة ماكرون مختلفة، هو أنها جاءت في توقيتٍ مصريّ خالص؛ توقيت ما بعد العبور الثاني، حيث العبور من مرحلة الحرب على الإرهاب إلى مرحلة بناء الدولة الآمنة الجاذبة.

في النهاية فاني أدعو بكل صدق وضميرٍ وطني حي، كافة وسائل الإعلام – المرئية والمسموعة والمقروءة – بل ووسائل التواصل الاجتماعي أيضًا، أن تسلط الضوء للأشياء الجميلة في وطنناالذى نعيش فيه ويعيش فينا.

الحقيقة أننا نحن نعيش الان في عالمٍ يموج بالتحديات، ومخاطر تُحيط بمصرنا من كل جانب، لكن في قلب هذه التحديات هناك إشراقات تستحق أن تُروى، وإنجازات تنتظر من يُحسن روايتها، ومشاهد في وطننا تستحق أن تُمجّد لا أن تُغفل.

فدور الإعلام الحقيقي ليس فقط أن يُنذر، بل أن يُنير، أن يبث الأمل لا الوهم، وأن يُظهر الجَمال لا أن يُجامل، وأن يزرع في القلوب يقينًا بأن مصر دائمًا بلد "الأمن والجمال والاحتمال"... بلد "الحاجة الحلوة".
تحيا مصر .. تحيا مصر ..تحيا مصر

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية