تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
فلسطين في قلب ووجدان مصر.. رسالة قاهرة من بغداد
((في الذكرى 77 للنكبة: مصر تجدد عهدها لفلسطين))
رغم مرور أكثر من سبعة عقود على نكبة فلسطين، ما زال جرحها نازفًا في ضمير الأمة، وما زال الاحتلال جاثمًا على الأرض، غاصبًا للحق، متنكرًا لقرارات الشرعية الدولية، مستندًا إلى صمت دولي مخزٍ.
وبينما يحاول البعض طيّ صفحة القضية أو التعامل معها كملف من الماضي، جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية ببغداد، كصرخة ضمير حيّ، تجدد التأكيد على أن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية هوية وحق وعدالة.
أكد الرئيس السيسي بوضوح أنه لا استقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، مشددًا على أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية الأولى للعرب، حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
جاء الموقف المصري وسط تعقيدات اللحظة الإقليمية، كرسالة واضحة: لا تسوية بلا عدالة، ولا سلام بلا دولة فلسطينية ، بعد مرور 77 عامًا على نكبة فلسطين، التي تسببت في تهجير الملايين، وأطلقت واحدة من أطول المعاناة الإنسانية في التاريخ الحديث.
وبينما تمضي إسرائيل في سياسات التهجير والاستيطان وانتهاك القانون الدولي، تؤكد القاهرة، وعلى لسان أعلى سلطة سياسية، أن السلام لا يمكن أن يُبنى على أنقاض الحقوق، وأن أي تطبيع لا يُترجم إلى قبول بالأمر الواقع المفروض بالقوة.
وقد قالها الرئيس السيسي صراحةً "حتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط سيظل بعيد المنال، ما لم تُقم الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية".
وأضاف السيد الرئيس الي أن " الشعب الفلسطينى يتعرض ، لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية، على مدار أكثر من عام ونصف، تهدف إلى طمسه وإبادته، وإنهاء وجوده فى قطاع غزة، حيث تعرض القطاع لعملية تدمير واسعة، لجعله غير قابل للحياة، فى محاولة لدفع أهله إلى التهجير، ومغادرته قسرًا تحت أهوال الحرب".
ورغم مرور 50 عامًا على توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ظلت العلاقات محصورة في الإطار الرسمي، بينما تمسك الشارع المصري بموقفه الرافض للتطبيع الشعبي. والحقيقة المؤكدة أنه لا أمن، لا استقرار، لا تطبيع حقيقي دون إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة .. رسالة تنبع من وجدان مصري وعربي راسخ، يرى في فلسطين قضية كرامة وهوية، لا ورقة تفاوض.
وقد عبّر الواقع الثقافي والإعلامي عن هذا الموقف بوضوح، من خلال الأعمال الدرامية والمقالات والمواقف السياسية التي ظلت تردد: "فلسطين ليست وحدها".
وفي اطار ثوابت السياسة المصرية فقد قال الرئيس السيسي في مارس 2025، "القدس ليست مجرد مدينة، بل رمز لهويتنا وقضيتنا... ولا سلام حقيقي دون إقامة الدولة الفلسطينية. دعوني أؤكد: السلام لا يأتي بالقوة، ولا يمكن فرضه عنوة".
كما أكد أن مصر ستبقى داعمة لكل الجهود الرامية لتحقيق السلام العادل، لكنها لن تقبل المساس بحقوق الشعب الفلسطيني أو فرض حلول أحادية.
ما يميز السياسة المصرية تجاه فلسطين هو ثباتها التاريخي واتساقها مع إرادة الشعب المصري، الذي دفع أثمانًا باهظة دفاعًا عن القضية، منذ عام 1948 وحتى اليوم، من خلال الحروب والمفاوضات والمبادرات السياسية والإنسانية.
وقد أكد الرئيس السيسي أيضًا أن القضية تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة وأكثرها دقة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة لحملة إبادة ممنهجة تهدف إلى إنهاء وجوده، عبر التهجير والتجويع والحرمان من الخدمات الأساسية، وتدمير البنية التحتية، مما أدى إلى نزوح قرابة مليوني فلسطيني داخل القطاع.
وشدد على أن مصر ترفض بشكل قاطع جميع محاولات التهجير أو إقامة "وطن بديل" للفلسطينيين، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية هي قضية كرامة وهوية عربية لا تقبل المقايضة، وأن أي سلام لا يستند إلى العدالة سيظل وهمًا.
في ظل تصاعد وتيرة التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، يكتسب الموقف المصري وزنه من كونه نابعًا من تاريخ طويل من الانخراط الجاد في دعم الفلسطينيين، عسكريًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا. كما أن غياب السفير المصري عن تل أبيب في عدة مراحل، ورفض مصر استقبال سفير إسرائيلي جديد مؤخرًا، يحمل دلالة سياسية واضحة على أن التطبيع ليس هدفًا في ذاته، بل مرهون بوقف العدوان والالتزام بالقانون الدولي.
لقد أثبتت مصر، في كل الأزمات التي مرت بها غزة، وفي جهود المصالحة الفلسطينية، أنها ليست مجرد وسيط، بل ضامن حقيقي لكرامة الفلسطينيين وصمام أمان للقضية.
خلاصة القول لم تكن كلمات الرئيس السيسي مجرّد موقف دبلوماسي عابر، بل كانت صوتًا عربيًا أصيلاً يعبّر عن ضمير الأمة.
لقد نبّه العالم — في لحظة فارقة — إلى أن فلسطين ليست جرحًا نائمًا، بل جرحًا مفتوحًا في قلب كل عربي حر ، فلسطين قضيتنا" ليست مجرد شعار، بل عهد لا يسقط بالتقادم، وحق لا يُنسى مهما اشتدت العواصف. ومصر — كما عهدها التاريخ — ستبقى الحارس الأمين لهذا العهد، تكتب بالثبات والكرامة سطور الموقف، وتُبقي البوصلة موجهة نحو القدس، حيث تبدأ القصة، وحيث لا تنتهي العدالة.
Sallamahmed2@gmail.com
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية