تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
زيارة وزير الخارجية للصين.. شراكة استراتيجية وسط أزمات إقليمية وعالمية
شهدت العلاقات المصرية - الصينية تقدمًا كبيرًا على مدار العقود الماضية، متجسدةً في تعاون ثنائي واسع النطاق في كافة المجالات، ولاسيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
تحديات إقليمية وعالمية
وفي هذا السياق، تأتي زيارة وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج د. بدر عبدالعاطي، إلى الصين كخطوة هامة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وهي أول زيارة رسمية له منذ توليه المنصب، تلبية لدعوة من وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية، لتؤكد مجددًا على الأهمية الاستراتيجية التي توليها القاهرة لتعزيز الشراكة مع بكين، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والعالمية الراهنة، ولعل أبرز هذه التحديات الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة، والتي أسفرت عن آلاف القتلى والمصابين، وتسببت في موجات نزوح واسعة داخل القطاع. في الوقت ذاته، يشهد النظام السوري تغييرات جذرية مع سقوط نظام الأسد، والتوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، مما يعيد تشكيل الخارطة السياسية في الشرق الأوسط، والوضع في السودان ومن هنا، تبرز أهمية التعاون بين مصر والصين كأحد المحاور الداعمة للاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى الصعيد الدولي، يواجه العالم في الوقت الحالي أزمات اقتصادية وسياسية متعددة، من اضطرابات سلاسل الإمداد إلى تداعيات التغير المناخي والصراعات الدولية. وتتفاقم التوترات مع إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، ما يثير مخاوف من تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. يُضاف إلى ذلك الوضع المتوتر في شبه الجزيرة الكورية، حيث يظل خطر اندلاع صراع مسلح حاضرًا. أما في أوروبا، فإن الحرب الروسية- الأوكرانية تواصل استنزاف الموارد وتشكيل تحديات أمنية واقتصادية غير مسبوقة.
أبرز فعاليات الزيارة
انعكست هذه المجالات على زيارة وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج حيث شارك د. بدر عبد العاطي، ، يوم الجمعة ١٣ ديسمبر، في الجولة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين مصر والصين التي عُقدت برئاسة السيد وزير الخارجية ونظيره الصيني "وانج يي" في بكين، وتأتي هذه الزيارة تنفيذاً لما توافق عليه الرئيسان "عبد الفتاح السيسي" و"شي جينبينج" خلال زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى بكين في مايو ٢٠٢٤، واحتفالاً بمرور ١٠ سنوات علي تدشين الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وبعام الصداقة المصرية -الصينية.
وتناولت الجولة الرابعة مُجمل العلاقات الثنائية المُتميزة بين مصر والصين، وما حققته من تطور بارز في مجالات التعاون المختلفة، بما في ذلك مشاركة الشركات الصينية في العديد من المشروعات التنموية في مصر، ومن بينها المساهمة فى بناء حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتشييد القطار الكهربائي، فضلاً عن تنامي الاستثمارات الصينية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وقد تطرق الجانبان الي أهمية البناء علي نتائج الزيارات رفيعة المستوي بين الدولتين لتعزيز التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، فضلاً عن تعزيز التعاون الثقافي والتعليمي، وزيادة التدفقات السياحية الصينية إلى مصر. كما وجه الوزير عبد العاطي الدعوة لنظيره الصيني لزيارة مصر خلال العام المقبل لعقد اللجنة الحكومية المشتركة.
وقد تبادل الجانبان الرؤي والتقييمات ازاء أهم القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث شدد الوزير عبد العاطي على أهمية التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة ونفاذ المساعدات الإنسانية والبدء في تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لتحقيق السلام الدائم والعادل في المنطقة. كما ناقش الجانبان تطورات الأوضاع في سوريا، حيث أكد اوزير الخارجية علي أهمية دعم العملية السياسية الشاملة في سوريا، وجدد رفض مصر للانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية واستهداف المواقع العسكرية داخل الاراضى السورية.
وعلى صعيد التعاون في المحافل الدولية والمُنظمات الأممية، استعرض الوزيران سبل تعزيز التعاون المُشترك، وأكد الوزير عبد العاطى على أهمية التمسك بمبادئ ومقاصِد ميثاق الأمم المتحدة، والعمل على إصلاح المؤسسات الدولية لتكون أكثر عدالة وتمثيلاً للدول النامية، وأكثر فاعلية في الاستجابة للتحديات التي تواجه العالم، علاوة على احترام مبادئ القانون الدولي.
وفي إطار تعزيز التعاون الاقتصادي، ولاسيما مع الشركات الصينية، عقد وزير الخارجية اجتماعات مع رؤساء كبرى الشركات الصينية العاملة في مصر. وناقش معهم فرص زيادة الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية بمصر، مثل تكنولوجيا المعلومات، والتصنيع، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة. حيث التقي د. بدر عبد العاطي، مع السيد "لي جيانفونج"، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة تشاينا جيزوبا للهندسة الدولية".
وأكد الوزير على اعتزاز الجانب المصري بالشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين وتعدد مجالات التعاون الثنائي، مشيراً إلى أن التعاون الاقتصادي والاستثماري يحتل أهمية خاصة لدي الجانبين نظراً للدور الهام الذي تلعبه الشركات الصينية في السوق المصري، وثمن علاقات التعاون القائمة مع الشركة ومشاركتها في عدد من المشروعات الكبرى في مصر.
وأكد عبد العاطي علي اهتمام مصر بمشروعات الطاقة الجديدة والمُتجددة، وتعزيز مستوي التنسيق والتعاون مع الشركة في هذا المجال الواعد، مشيراً الي أن مصر تسعي لإنتاج ١٠ مليون طن من الأمونيا الخضراء من خلال تعزيز الاستثمارات الأجنبية في مصر. كما نوه إلي المشروع الذي تعمل الشركة علي تنفيذه في مصر ، بالتعاون مع شركات أجنبية أخري، في مجال الهيدروجين الأخضر، وهو أحد أهم المجالات التي تعتلي قائمة أولويات الحكومة المصرية في الوقت الراهن ، منوهاً إلي حرص الجانب المصري علي تذليل كافة العقبات أمام الاستثمارات الأجنبية في مصر.
وأشاد الوزير بمساهمات هذه الشركات في دعم التنمية في مصر، مؤكدًا على حرص الحكومة المصرية على توفير بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة لعمل الشركات الصينية في مصر.
ومن المعلوم أن مصر تُعد بوابة استراتيجية للصين في المنطقة، في ظل مبادرة "الحزام والطريق" التي تهدف إلى تعزيز الترابط الاقتصادي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ حوالي 15 مليار دولار أمريكي في عام 2023، مع توقعات بزيادته بنسبة 10% خلال العام المقبل. كما شهدت الاستثمارات الصينية في مصر نموًا ملحوظًا، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس حوالي 1.5 مليار دولار.
وقد سبق للوزير عبدالعاطي أن التقى مع نظيره الصيني السيد وانغ يي علي هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر الماضي، حيث ثمن الوزير عبدالعاطي مواقف الصين من القضية الفلسطينية، كما ثمن أيضًا المشروعات المشتركة بين مصر والصين، وأكد حرص مصر على تشجيع الشركات الصينية للاستمرار في تعزيز استثماراتها في مصر خاصة المنطقة الاقتصادية بقناة السويس. في الوقت نفسه أشاد الوزير الصيني بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما أعرب الوزيران عن الارتياح للتقدم الذي تشهده العلاقات الاسترتيجية بين البلدين في ظل احتفال مصر والصين بمرور عشر سنوات على إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما.
وخلال زيارته، حرص الوزير علي أن تكون اولي فعاليات زيارته للصين اللقاء برموز الجالية المصرية ببيت المصريين السفارة المصرية في بكين، وهي سنة محمودة يحرص عليها السيد الوزير في كافة زيارته الخارجية، حيث استعرض الجهود الحكومية لدعمهم وتوفير الرعاية لهم وأكد علي اعتزاز مصر بأبناء الجاليات المصرية في الخارج نظراً لدورهم الهام في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومةً وشعباً، كما حث الوزير رموز الجالية المصرية في بكين على المشاركة في النسخة المُقبلة من مؤتمر المصريين بالخارج في اغسطس ٢٠٢٥، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية.
واستمع الوزير إلى آراء الحضور ومقترحاتهم، ونوه إلى أن وزارة الخارجية تعكف حاليا على الارتقاء بآليات ووسائل تقديم الخدمات القنصلية عن طريق رقمتنها واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة لتسهيل الخدمات القنصلية بالجودة والسرعة التي تلبي احتياجاتهم.
وأشار الي أن الوزارة خصصت ادارات للتعامل بشكل سريع مع تخليص الاوراق ، وانه يتم اطلاق موقع للوزارة يتم من خلاله توفير الخدمات للمصريين بالخارج ونقل وجهة نظر المصريين بالخارج ، بحيث تكون وزارة الخارجية همزة وصل بين المصريين بالخارج وكافة الوزارات المعنية واضاف ان هناك توصيات بلقاء شهري مع ابناء الجالية .
الرؤية المشتركة والتحديات العالمية والإقليمية
تعكس هذه الزيارة رؤية مصر والصين لتعزيز التعاون الثنائي في ظل الأزمات العالمية والإقليمية. فالبلدان يشتركان في رؤية استراتيجية تقوم على دعم التنمية المستدامة، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، وتطوير الشراكات الاقتصادية. وفي ظل تصاعد التحديات العالمية، مثل التغير المناخي والاضطرابات الجيوسياسية، تُقدم الشراكة المصرية- الصينية نموذجًا للعمل الجماعي لمواجهة الأزمات وتحقيق المصالح المشتركة.
وفي الحقيقة، تمثل زيارة وزير الخارجية والهجرة المصري إلى الصين خطوة جديدة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. عبر الحوار الاستراتيجي، ولقاءات رجال الأعمال، واجتماعات الجالية المصرية، فبينما تسعى الصين إلى تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية، تطمح مصر إلى تحقيق التنمية الشاملة وتحقيق رؤية 2030. ومن خلال تعزيز الحوار والتنسيق بين البلدين، يمكن مواجهة الأزمات العالمية عبر آليات مبتكرة وتعاون متعدد الأطراف. وأخيرًا، تؤكد هذه الزيارة على التزام الجانبين بتطوير العلاقات الثنائية بما يخدم المصالح المشتركة، ويدعم الاستقرار والتنمية في ظل تحديات عالمية وإقليمية غير مسبوقة.
*المستشار الاعلامي المصري السابق ببكين
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية