تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ترامب مرشح لجائزة نوبل
يرى الرئيس ترامب أحقيته فى الفوز بجائزة نوبل للسلام، وهو يسعى جاهدا للفوز بها. بادرت حكومات لترشيح الرئيس ترامب للجائزة، سعيا لكسب ود الرئيس الأمريكي، فيماحكومات أخرى تتهيأ لاتخاذ خطوة مشابهة. ليس مهما بالنسبة لهذه الدول ما إذا كان الرئيس ترامب يفوز بجائزة نوبل أو لا يفوز بها، لكن المهم هو تسجيل نقطة لدى الرئيس الأمريكي.هل يتصرف قادة هذه الدول بذكاء لحماية مصالح بلادهم، بما يستوجب الثناء عليهم، وربما اتباع خطواتهم؟ أم أنهم انتهازيون يستهزئون بالمبادئ العليا للإنسانية والسلام؟ ما هو معيار الحكم على قرارات تتخذها الحكومة فى بلد ما، هل الحكومة مسئولة عن سلام العالم والمبادئ العليا للإنسانية، أم أنها مسئولة فقط عن مصالح بلدها وأمنها القومي.
يعتبر الرئيس ترامب نفسه من صناع السلام. يرى الرئيس ترامب أنه جلب السلام للشرق الأوسط بعد أن نجح فى إنهاء الحرب بين إسرائيل وإيران. طريقة الرئيس ترامب فى النظر للسلام غير تقليدية تماما. اعتمد صناع السلام السابقون على الترويج للتآخى بين البشر، وعلى الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراعات. الرئيس ترامب يفضل سلام القوة. فى نظره فإن قيام الولايات المتحدة بقصف مواقع نووية إيرانية ليس عملا عدائيا، لكنه توظيف للقوة من أجل صنع السلام. ألم تنته الحرب بين إسرائيل وإيران بعد القصف الأمريكي؟ إنه سلام القوة الأكثر استدامة من سلام الليبراليين الذين يمقتهم الرئيس الأمريكي.
تبين مراجعة قائمة الفائزين بجائزة نوبل للسلام انحيازا ليبراليا واضحا من جانب لجنة منح الجائزة. دعاة السلام وحقوق الإنسان والمنادون بإنهاء التمييز العنصري، وقادة العمل الإنسانى العالمي، وأنصار الحد من التسلح، هذه هى الفئات التى فاز أعضاء منها بجوائز نوبل للسلام خلال العقود السابقة. يرى الرئيس ترامب وأنصاره أن جائزة نوبل ليست محايدة، وأن المعايير التى تطبقها تقوم على فهم أيديولوجى متحيز.
أربعة فقط من رؤساء أمريكا السابقين فازوا بجائزة نوبل للسلام. أولهم هو الرئيس تيودور روزفلت فى عام 1906، بسبب توسطه لإنهاء الحرب الروسية اليابانية. هناك بعد ذلك الرئيس ودرو ويلسون الذى فاز بالجائزة عام 1919، بسبب قيادته لتدخل الولايات المتحدةالحاسم الذى أنهى الحرب العالمية الأولى، وبسبب مبادئه الأربعة عشر المعادية للاستعمار والتحالفات العسكرية والمناصرة لحق الشعوب فى تقرير المصير. هناك أيضا الرئيس كارتر الذى فاز بالجائزة عام 2002 بعد انتهاء رئاسته بأكثر من عشرين عاما، بسبب الخدمات التى قدمها للإنسانية والسلام بعد خروجه من الرئاسة. وهناك أخيرا الرئيس أوباما الذى فاز بالجائزة عام 2009 بعد أقل من عام واحد فى رئاسة الولايات المتحدة، قبل أن أن تكون له إنجازات مهمة فى مجال السلام، وربما مكافأة له على المبادئ الليبرالية التى عبر عنها بطلاقة. لحالة الرئيس أوباما أثر مهم فى تعزيز رأى الرئيس ترامب السلبى تجاه حيادية اللجنة القائمة على جائزة نوبل، وفى تمسكه بأحقيته فى الفوز بالجائزة.
هناك سوابق تعزز فرص الرئيس ترامب فى الفوز بالجائزة. فى عام 1973 فاز وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر بجائزة نوبل مناصفة مع الدبلوماسى الفيتنامى لى دوك ثو، بعد أن أنجز الاثنان تفاوضا ناجحا من أجل وقف الحرب بين البلدين. كان وزير الخارجية الأمريكية قد أمر بشن حملة قصف مدمرة ضد هانوى عاصمة فيتنام قبل اختتام المفاوضات بعدة أيام، مستخدما فيها قاذفات ب52، المكافئ لقاذفات ب2 التى استخدمها الرئيس ترامب مؤخرا لقصف منشآت إيران النووية.فى رأى كيسنجر فإن القصف الأمريكى المدمر كان فعالا فى إقناع فيتنام بالتحلى بالمرونة، فيما يرى منتقدو الوزير الأمريكى أن قصف هانوى لم يكن أكثر من استعراض أخير للقوة الأمريكية قبل أن تسلم الولايات المتحدة بالهزيمة.
منطق هنرى كيسنجر هو نفس منطق السلام من خلال القوة الذى يؤمن به الرئيس ترامب. رفض وزير خارجية فيتنام الشمالية تسلم الجائزة احتجاجا على فوز كيسنجر بها. استقال اثنان من أعضاء لجنة جائزة نوبل احتجاجا على فوز الوزير الأمريكي. كانت تلك هى المرة الأولى التى يصل فيها الخلاف فى وجهات النظر بين أعضاء اللجنة إلى هذا الحد. فى رأى أعضاء اللجنة المستقيلين فإن فوز كيسنجر بجائزة السلام ينطوى على سخرية واستهزاء بالغ بمبادئ وفلسفة السلام، وأنه حتى لو كان كيسنجر قد أنهى الحرب فى فيتنام، فإنه لا يمكن مكافأة الطريقة التى يفكر ويعمل بها، لأن فى هذا إضرارا بالغا بقضية السلام على المدى الطويل.
هذا هو رأى أعضاء لجنة نوبل، لكن الحكومات قد ترى الأمر بشكل مختلف. لقد تقدم عدد من الحكومات لترشيح ترامب لجائزة السلام الكبرى. هذا هو ما قام به رئيس وزراء إسرائيل حليف أمريكا المقرب، ووزيرة خارجية باكستان الحليف المقرب للصين. الأول يريد الحفاظ على علاقة التحالف الأمريكى الإسرائيلى المتين، والثانى يريد كسب ود أمريكا على حساب خصمه الهند التى اتخذت موقفا فاترا من الرئيس الأمريكي.المنطق الذى تتبعه هذه الحكومات بسيط، ويقوم على أن الحكومات معنية بمصالحها القومية، أما سلام العالم ومبادئ الإنسانية فليست من ضمن مسئولياتها.يبقى السؤال مطروحا عن طبيعة البوصلة التى يجب الاهتداء بها عند الإبحار بين سمو المبادئ وضرورات المصالح.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية