تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تحليل مضامين خطاب مصر السياسى
أعتقد أن من المهام الأصيلة لبعض الجهات فى مؤسسات الدولة؛ القيام بتتبع خطابات وكلمات السيد رئيس الجمهورية، وإتاحتها للناس ورقيًا وإلكترونيًا، ثم القيام بتحليل مضامين تلك النصوص، وتبين ما تحويه من توجهات وخطط وإنجازات وتساؤلات وتوضيحات، واستقراء ما فيها من توقعات وآمال مستقبلية، خاصة أننا فى مصر، وفى المنطقة وفى العالم أيضًا، نترقب الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، ونتوزع بين رؤى ومواقف مختلفة.
وأظن أن الذين يتخذون موقفًا سلبيًا من الرئيس والنظام ككل يعملون باستمرار على ترتيب أوراقهم واصطياد كل ما من شأنه أن يعزز ما يذهبون إليه، بما فى ذلك التقاط كلمة أو عبارة رئاسية وفصلها عن سياقها، بل وربما فبركة كلام ونسبته للدولة، إلى آخر تلك الألاعيب الشيطانية المعروفة.
ولذلك أعيد وأكرر ما رجوته فى أول السطور، حتى وإن كان ما قاله الرئيس تعليقًا عابرًا طويلًا أو قصيرًا فى كل الاجتماعات العلنية التى يحضرها ونراها فى التليفزيون ويبادر فيها للكلام. ومن المحتم أن يقوم من سيتتبع ذلك ويحلل مضمونه ويستقرئ منه توقعًا أو أملًا مستقبليًا، بذكر السياق الذى قيلت فيه الكلمة أو صدرت فيه التعليقات.
وغنى عن الذكر أن هذا الجهد المطلوب والحتمى تمتد فائدته وفاعليته إلى مجال الدراسات الأكاديمية فى علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع والتاريخ وغيرها، ولن يتمكن طالب أو باحث أو أستاذ أو فريق عمل أو مركز بحث من إنجاز أى دراسة عن جوانب الحياة فى مصر من تاريخ كلمة الرئيس وهو ما زال وزيرًا للدفاع فى يونيو2013 دون أن يجد هذه المادة العلمية التى أطالب بها.. حيث حفزتنى الكلمة أو الخطاب الذى ألقاه الرئيس فى مؤتمر إفريقيا– روسيا بسان بطرسبورج، وأرى أنه من أهم وأخطر الأدبيات الرئاسية فى هذه المرحلة، لأنه أوضح بجلاء الرؤية الاستراتيجية الضرورية لقارة إفريقيا بل وللعالم الثالث كله، فى سياق الصراع العالمى المحتدم بضراوة هذه الأيام، وأوضح أيضًا محددات السياسة المصرية ورؤيتها فى سياق كل المتغيرات الجسيمة التى يشهدها العالم، ابتداء من قضية الهجرة غير الشرعية وليس انتهاء بالتغير المناخى والديون والغذاء.
إننى أعتقد أن سعار وتكالب الإرهابيين المتأسلمين لن يخف، بل سيتصاعد، بعد أن انضم إلى ركبهم من سموا أنفسهم التيار الليبرالى، الذى يضم توليفة عجيبة من الأشخاص والأحزاب، ويلجأون إلى التعريف عن أنفسهم بالنفى، كمن تسأله أن يعرف الماء فيقول إنه ليس النار وليس الحجر، وهكذا ينطلقون فى وصلات التركيز على السلبيات وادعاء الكمال فى أنفسهم.
وعلى أى حال يبقى أن أذكر بعض ما وقر فى ذهنى وأثار شجونى فيما أتابع وقائع جلسة الكلمات فى افتتاح مؤتمر إفريقيا– روسيا، إذ لا أنكر أننى ما زلت وأظن إلى النهاية وأقف وبقوة واستماتة فى المربع المعادى للاستعمار القديم والجديد والصهيونية العنصرية، ومن الذين يعتقدون أن هذا الاستعمار بشقيه ومعه الصهيونية وحلفاؤهما فى أى مكان- بما فى ذلك منطقتنا- هم أحد الأسباب الرئيسية، إن لم يكونوا السبب الرئيسى، فى تعثر مسيرتنا النهضوية التى بدأت بصحوة ثوار 1882، واستمرت بثوار 1919، وكل المحطات إلى 1952 وما بعدها.
وأدعو الله أن يمكننا من حماية وطننا ومشروعنا النهضوى الحالى لتكتمل أسسه ويكمل أهدافه، ولذلك فقد طربت لدرجة الانتشاء فيما أسمع أحاديث بعض زعماء إفريقيا عن الاستعمار القديم والجديد، وكيف أنه من وراء كل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأنه هو من نهب وما زال ينهب ثروات القارة، ولا يكف عن السعى لتفتيت وتفكيك أوطانها وإشعال الحروب الداخلية بين مكونات المجتمع الواحد وبين دولة وأخرى. ومن هؤلاء الرؤساء من استعاد ذكريات التحرر الوطنى فى الخمسينيات والستينيات، الأمر الذى يؤكد أن لمصر رصيدًا ذهبيًا راسخًا فى ضمير شعوب قارتها العظيمة. إننى أعلم أن هذا الكلام لن يجد هوى لدى بعض الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة هى الإله الذى هو على كل شيء قدير، وأن الكلام عن الاستعمار والإمبريالية والصهيونية هو نوستالجيا مرضية وأوهام ديماجوجية، إلى آخر أطروحات من سماهم صديقى وأستاذى كامل زهيري- رحمة الله عليه- الوقوعيين, عندما كان يميز وبقوة منطق وثقافة رفيعة بين الواقعية والوقوعية.
نحن مع نظامنا الوطنى للتعامل الرشيد مع الواقع، ولم ولن نلحظ لحظة واحدة أننا صرنا وقوعيين نركع لأحد من كان غير الله سبحانه وتعالى.. وكم هو عظيم بكل المعايير أن تجد قارتنا وشعوبها طريقها السالك الدائم المؤدى لتنمية مستدامة واعتماد على النفس وإرادة حرة مستقلة ورفض للاستقطاب.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية