تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الشعب الحى صانع التاريخ
أمس 18 يونيو، مر 69 عامًا على جلاء آخر جندى من جنود قوات الاحتلال البريطانى لمصر الذى دام نحو 73 عامًا.. وسيبقى الجلاء على مر الزمن من أبرز معالم مسيرة كفاح شعب مصر، الذى يؤكد تاريخه الحديث والمعاصر أنه من أكثر شعوب المعمورة حيوية وقدرة على الاستجابة للتحديات، فهو من ثار مرتين ضد حملة بونابرت الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، ثم ثار ضد الحكم العثمانى المترهل الظالم فى 1805، وحفل مجتمعه جنوبًا وشمالًا بانتفاضات ضد العسف والظلم، حتى جاءت الوقفة الكبرى بقيادة أحمد عرابى 1882.
ثم الثورة العظيمة 1919 وبعدها حراكات وتحركات سياسية واجتماعية وثقافية فى الثلاثينيات والأربعينيات، وعند مطلع الخمسينيات كانت ثورة يوليو 1952، وطوال مسيرته منذ ذلك التاريخ إلى الآن عرف ومارس مقاومة الاحتلال الأجنبى، ومواجهة مشاريع ملء الفراغ والأحلاف
وقاد حركة التحرر الوطنى العربية والعالمية، وواجه العدوان فى 1956 و1967، وصنع النصر فى 1973، وصنع المليونيات فى يناير 2011 وتوج إرادته الوطنية بالخلاص ممن سرقوا كفاحه وحاولوا تمزيقه وتفتيته فكانت ثورته الكبرى فى يونيو 2013.
كان الجلاء وسيبقى حلقة من حلقات نضالنا الوطنى كما أسلفت، وكان مقدمة لنضال آخر هو السعى للسيطرة على موارد الثروة القومية، وعلى كل المرافق الاقتصادية والاستراتيجية، وفى مقدمتها قناة السويس، فكان التأميم، وصارت القناة ملكًا للشعب الذى حفرها وتقع على ترابه الوطني.
وبعدها جاء العدوان الثلاثى لتأديب وكسر الإرادة الوطنية المصرية، ولاسترداد السيطرة على ذلك الممر الاستراتيجى.. وهنا نشير إلى الأصوات التى طالا ارتفع نعيقها لتزعم أن التأميم كان خطوة غير مناسبة ولا مطلوبة، لأن القناة كانت ستعود عام 1968، وكنا نحاول الرد بالمنطق وبعض الوقائع إلى أن بادر الأستاذ أحمد المسلمانى فى برنامجه بإحدى الفضائيات لتفجير مفاجأة مدوية، وهى أن موقع هيئة الإذاعة البريطانية أذاع ونشر بواسطة الإعلامى عامر سلطان، الوثائق البريطانية التى كانت سرية لفترات طويلة، وتكشف أن موقف الزعيم جمال عبدالناصر وتأميم القناة كان صحيحًا مائة بالمائة وفى توقيته المناسب..
لأن الوثائق البريطانية تلك فيها ما يؤكد أن بريطانيا والغرب كانوا يخططون لعدم تسليم القناة لمصر حسب نصوص معاهدة القسطنطينية عام 1888 وتضمنت الخطة عدة بدائل،
أولها إقامة تحالف عسكرى يتدخل بقواته العسكرية لإيقاف أى محاولة مصرية لاسترداد القناة،
وثانيها أن يتدخل حلف الناتو لو حاولت مصر تأميم القناة، ولكن الولايات المتحدة اعترضت على ذلك،
أما البديل الثالث فهو إقامة تحالف شركات أجنبية يستولى على القناة ويتسلمها فور الإعلان عن انتهاء عقد الامتياز الذى دام تسعة وتسعين عامًا، ويكون نصيب مصر من العائد 25 فى المائة فقط، والباقى للأجانب.
وتكشف الوثائق البريطانية أن مصر قبل ثورة يوليو 1952، وتحديدًا فى ظل حكومة الوفد فى فبراير 1952، اتجه النحاس باشا لتمصير الوظائف فى إدارة القناة، وكان يعد ويخطط للاستعداد للتأميم..
وحسب الوثائق البريطانية وقراءة الأستاذ المسلمانى فإن مصر لم تكن لتحصل أو تسترد القناة لو تأخرت عملية التأميم.
وأعود إلى الجلاء لأتوقف أمام بعض مواد الاتفاقية، مثل المادة الثانية التى نصها: «تعلن حكومة المملكة المتحدة انقضاء معاهدة التحالف الموقع عليها فى لندن فى السادس والعشرين من شهر أغسطس سنة 1936، وكذلك المحضر المتفق عليه، والمذكرات المتبادلة، والاتفاق الخاص بالإعفاءات والميزات التى تتمتع بها القوات البريطانية فى مصر، وجميع ما تفرع عنها من اتفاقات أخرى»، وهى مادة تؤكد ما كان لقوات الاحتلال من ميزات ومكاسب على حساب الشعب المصرى.
ولا يدرى المرء ماذا يقول للذين يترحمون على زمن الاحتلال، اللهم باستثناء الذين كانوا خدمًا فى القاعدة، والذين كانوا يكسبون من وراء توريداتها، والذين كانوا يعيشون على فتات موائدها وما تحويه صناديق قمامتها.
إنه تاريخنا الوطنى غير القابل للتجزئة، والحافل بالأحداث الكبرى التى تثبت أننا شعب حى عميق الوعى، تتجلى قدراته عند التحديات الكبرى... تاريخنا الذى نتمنى أن تقرأه وتتعلمه وتستوعب دروسه الأجيال الطالعة.. ويقرأه أيضًا أى طرف يفكر فى الاستهانة بالإرادة المصرية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية