تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > أحمد الجمال > الجمهورية الجديدة دولة مؤسسات

الجمهورية الجديدة دولة مؤسسات

لا يقتصر الهرى حول قرارات التغيير على الموتورين الغوغائيين فى الإعلام المضاد لمصر، سواء كان تابعًا للإخوان أم بعض الدول الغربية الأوروبية، الذين قد يتصادف ويشاهدهم المرء مصادفة على اليوتيوب، وإنما يتعداهم إلى بعض النخب المصرية التى يفترض أنها محصنة بالوعى الوطنى، ولها جهاز مناعى عقلى ووجدانى يقيها الإصابة بالشائعات والتفسيرات المغرضة.

وبالمناسبة فإن مصطلح «الهري» فصيح له معانٍ متعددة، منها سوء الخلق، وفى العامية يحتمل كل المعانى التى تتضمن الثرثرة الانفعالية غير المعتمدة على أى حقيقة، وتتضمن الكيد وإشعال الفتن بين الخلق.

وأولى المفارقات فى هذا الشأن هى أن المترصدين والموتورين، ومعهم أيضًا العينات من النخبة، لا يعجبهم العجب، حتى وإن كان الصيام فى رجب.. فتراهم يهرون إذا استمر مسئولون تنفيذيون فى واقعهم لمدد طويلة، ويبدأ الحديث المغمس بفبركة الحقائق عن «الكوسة»، وعن شبكات المصالح والفساد، وعن صراعات خفية بين أجنحة ومراكز قوة،

وكلنا يذكر أيام الرئيس الراحل حسنى مبارك، عندما احتدم الهرى حول بقاء بعض كبار المسئولين فى مواقعهم فترات طويلة، لدرجة جعلت كاتبًا كبيرًا هو الأستاذ هيكل يكتب أو يتحدث عن سلطة شاخت فى مواقعها، وجعلت غيره يتحدث ويكتب عن الغياب المؤسسى، وشخصية السلطة إلى آخره..

ثم هاهم يبالغون فى الهرى، عندما تم تغيير وزراء ومسئولين من السلطة التنفيذية، ويتجهون لكلام كثير لا حصر له، ولا أريد أن أكرره رغم أن ناقل الكفر ليس بكافر.

وهنا يغيب عن هؤلاء جميعًا أن الجمهورية الجديدة ـ ومهما اختلف الرأى حول بعض مظاهرها ـ تسعى لترسيخ فكرة وفلسفة دولة المؤسسات وسيادة القانون، التى طالما رفعت وكثر الحديث عنها فى مراحل سابقة من تاريخ مصر، ولكنها بقيت هائمة لا تجد سبيلًا على أرض الواقع ومجال التنفيذ، وهنا نستطيع القول إن ما يتم من تغييرات هو إعمال حقيقى لدور المؤسسة، ولضبط آليات العمل فيها، وعلى رأسها تداول المواقع، وتجديد الدماء، وتهذيب غرائز الاستئثار، والجنوح للربط بين الذات الفردية وبين المواقع العليا، على طريقة «فيها أو أخفيها»، التى كنا نمارسها فى فترات الصبا والمراهقة وتصلح للتشكيلات العصابية وليس للتكوينات المؤسسية،

ثم إن هؤلاء وأولئك الذين يعمدون للهرى غير الموضوعى، وهم فى غمرة انطماس البصائر؛ لا يلتفتون إلى ما سبق وأعلنه وكرره رئيس الجمهورية أكثر من مرة، وهو أن الرئيس المنتخب من جموع المصريين انتخابًا حرًا، لم يتدخل فيه أحد، لا يدين لأحد، وليس لديه فواتير تستحق السداد، وأن مسئوليته يحكمها الدستور، إضافة لضميره الذى سيحاسبه الله ـ سبحانه وتعالى ـ عليه.

ثم إن كثيرين لا يلتفتون أيضًا إلى أن ما تتباهى به الدولة الصهيونية، وتعتبره سمة فريدة تخصها دون بقية دول المنطقة؛ هو تداول المواقع التنفيذية العليا، وعدم بقاء أحد ـ مهما كان دوره وإسهاماته ـ فى موقع ما بالمخالفة للقانون، أو بالروح المؤسسية العامة، وهذا يسرى على مواقع كثيرة، منها ما هو فى صميم بنية جيش الدفاع الصهيونى، ولا أظن أن هناك، فى المجتمع الصهيونى، من يمارس ذلك الهرى، ويتفرغ لبث الشائعات، وفبركة المعلومات، وطمس الحقائق، والادعاء بمعرفة ما خفى من كواليس وعلاقات،

ثم إن اعتماد التفسير التآمرى لكل ما يحدث من مستويات معينة فى الدولة المصرية هو تعبير صارخ عن العجز الذهنى، والفقر المنهجى والمعرفى لدى من يمارسونه، حيث هو الأكثر سهولة والأقرب لأذهان العامة العاشقين للثرثرات العديمة المضمون.

نعم إنها دولة مؤسسات تستمر سياساتها ورؤاها وخططها وبرامجها وفق المعلن من أهداف تسعى لتحقيقها، من أجل وطن حر، ومواطن له حقوق، وعليه واجبات مستمدة كلها من المواطنة،

ولهذا فإنها دولة مستقرة لا ينتقص من استقرارها وسعيها لتحقيق أهدافها المرحلية والإستراتيجية تغيير مسئول تنفيذى هنا أو هناك، ناهيك عن أن هذه الروح المؤسسية تخلق كوادر مؤهلة من أجيال مختلفة تبقى جاهزة على الدوام، لتحمل المسئولية فى لحظة حتمية انتقالها، وبشكل يمنع وجود أى فراغ.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية