تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الأرض المصرية مقدسة
خائن بكل المعايير كل من يفكر أو يدعو أو يعمل على ترحيل القضية الفلسطينية لمكان آخر غير أرض فلسطين بحدود 4 يونيو 1967، أو من النهر إلى البحر كما يؤمن كثيرون، وإذا كان العدو الصهيونى يفكر ويدعو ويعمل على ذلك لتكون أرض سيناء المصرية هى «المفيض الاحتياطى» الذى يستوعب ما ترتب من طوفان الأقصى، فهو واهم!
وكل من يذهب هذا المذهب واهم أيضًا ولا يستوعب أن كل ذرة رمل فى سيناء مقدسة قدسية لا تقل عن مقدسات الأوطان والشعوب، وهذا الأمر لدى من يعتقدونه - وأنا منهم - لا يتقاطع ولا يتصادم ولا يتناقض مع قدسية حق الشعب الفلسطينى فى ترابه الوطنى الذى عاش عليه ورواه بدمه وصنع عليه تاريخه وأقام عليه مدينته وثقافته التى امتزج فيها تراث ما قبل الأديان السماوية مع تراث تلك الأديان، فى تسامح وتعايش وتعاون، حيث خلق مركبًا فريدًا للحياة المشتركة، شأنه فى ذلك شأن بقية شعوب المنطقة، خاصة فى كتلها البشرية الكبرى، الممتدة من بلاد الشام التاريخية التى تضم الآن فلسطين ولبنان والأردن وسوريا إلى العراقين، عراق العرب وعراق العجم، والنازلة جنوبًا إلى مصر، ثم غربًا إلى المغرب الكبير الممتد من برقة إلى شنقيط أى موريتانيا.. حيث كان هذا التعايش وإنتاج المركبات الحضارية الزاهرة بتنوعها وتداخل ثقافاتها نموذجًا تجلّت فيه إبداعات بغير حصر، إلى أن قدم المستعمر الاحتلالى الأوروبى خاصة الفرنسى والبريطانى الذى اعتمد من وقت مبكر استراتيجية لاستمراره تقوم على تفتيت البلاد التى احتلها دينيًا وطائفيًا ومذهبيًا واجتماعيًا وثقافيًا، وأيضًا تفكيكها عرقيًا وجهويًا،
وليست صدفة على الإطلاق ولا خبطة عشوائية أن يتم التمهيد لتأسيس تكوين سياسى على أساس دينى بحت فى الجسر الجغرافى الواصل بين تلك الكتل السكانية الكبرى وهو أرض فلسطين بحيث يكون تأثير وجود ذلك التكوين الذى سموه «إسرائيل» ممتدًا فى الشمال والشرق وفى الجنوب والغرب.
وعندما استعصت مجتمعات تلك الكتل على ذلك التفتيت والتفكيك، لأنه صادر عن محتل أجنبى مرفوض؛ اتجهت إرادة وتكتيك المحتل الأجنبى إلى استخدام بعض من هم من نسيج المجتمعات نفسها لتنفيذ التفتيت والتفكيك، فكان تأسيس حركة سلفية عام 1911، وتأسيس الإخوان عام 1928، وكان تأسيس أخنوخ فانوس للحزب المصرى على أساس طائفى، وكان المؤتمر القبطى عام 1910.. وكلها أمور تصب فى التفتيت والتفكيك.
لقد مهّد الاستعمار الأوروبى لتأسيس إسرائيل، وهناك من يذهب إلى أن مؤتمرًا عقد فى بريطانيا عام 1907، أى قبل وعد بالفور بعقد كامل، برئاسة كامبل بنزمان، رئيس الوزراء البريطانى وشارك فيه عديد من المؤرخين والجغرافيين والأنثربولوجيين والسياسيين والاقتصاديين، وتوصلوا إلى حتمية الفصل بين الكتل السكانية الكبرى فى منطقتنا، وإنشاء كيان يحقق هذا الفصل، وعليه فإن التخطيط لوجود الكيان الصهيونى سابق على بالفور الذى كان دوره هو ترجمة الأمر عمليًا، وبالتحالف مع رأسماليين بريطانيين يهود، وما زال التخطيط والتنفيذ مستمرًا بصور مختلفة، وما فكرة ومخطط الشرق الأوسط الجديد - بما فيه من تعديلات للحدود الجغرافية، وما فيه من تكوينات ديموجرافية وثقافية - إلا مرحلة فى ذلك يتكاتف السعى لتنفيذها على أرض الواقع.
وفى ظنى أن هذا السعى سيتضاعف ليعوض فشل تلك القوى فى تنفيذ ما سمى «الربيع العربي» على أرض مصر لتفتيتها وتفكيكها، وكان الرهان على الإخوان المسلمين ليتولوا ذلك، باعتبار أن لديهم المشروعية العقيدية التى تبرر التنازل عن الأرض تحت مسوغ شرعى يعتقدون صحته، وهو أن الأرض أرض الله، وأن أرض المسلمين واحدة، سواء فى مرحلة الطريق لدولة الخلافة أو مرحلة قيامها.
وهنا يأتى مخطط ترحيل القضية الفلسطينية من أرضها التاريخية إلى أرض مصر، وينشب الخلاف وتستعر الفتن، وقد تشتعل الحرب بين فلسطينيين وبين مصر.
إن الأمر لا يحتمل مزاحًا ولا إهمالًا ولا تجاوزًا، باعتباره أمرًا غير وارد منطقيًا، ويحتمل فقط الوقوف وبحزم وحسم ضده، وتكثيف الخطاب الإعلامى والسياسى تجاه الفلسطينيين المخلصين لقضيتهم لكى يسهموا فى وأد هذا المخطط تمامًا، كى لا تضيع الأرض وتنتهى القضية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية