" هُنا القاهرة".. نداء شهير عرفه المصريين وأصبح سمة لصباحهم عشرات السنوات.. حتى قبل أقل من 20 عاما مضت أو أقل.. قبل انتشار الإنترنت، فطوال 90 عامًا مضت انطلق هذا النداء، الذي سُمع للمرة الأولى عبر الأثير في تمام الساعة الخامسة و النصف من مساء يوم الخميس 31 مايو 1934 م ليعلن بداية بث الإذاعة المصرية.

كان أول من أطلق نداء إشارة بدء الإذاعة المصرية أحمد سالم، أول مذيع في تاريخها، و صاحب مقولة "هنا الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية"، والتي قالها لأول مرة، قبل أن يتعاقب بعده عشرات الأسماء اللامعة التي تلألأت أصواتها عبر الأثير، والتي لا يتسع المجال لذكرها جميعا.

إذاعي طيار وفنان
 ولد أول إذاعي أحمد سالم، في مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية عام 1910 م، درس الطيران في  إنجلترا، عاد إلى مصر بواسطة طائرته التي قادها بنفسه عام 1931 م .

قدم الكثير من البرامج في الإذاعة المصرية ثم قدم استقالته ليتفرغ للعمل في أستوديو مصر، شارك كممثل و مؤلف و مخرج في كثير من الأفلام منها "أجنحة الصحراء " و " الماضي المجهول " و " دموع الفرح "، توفي الإذاعي أحمد سالم،  في سبتمبر عام 1949 م .

بابا شارو
إذاعي من طراز نادر، قدم برامج الأطفال و أخرج الصور الغنائية و الأوبريتات الإذاعية، إنه الراحل محمد محمود شعبان، الشهير بـ "بابا شارو"، الذي ولد مدينة الإسكندرية في سبتمبر من عام 1912 م لوالدٍ يُعد من أشهر المقاولين في عصره.

 تخرج "شعبان"، من كلية الآداب جامعة الملك فؤاد الأول عام 1939 م، وعمل في الإذاعة بتزكية من عميد الأدب العربي د. طه حسين، الذي كان عميدًا للكلية في ذلك الوقت .

و يعود السبب في تسميته بـ"بابا شارو"، لأنه في أحد الأيام تغيب مقدم برنامج الأطفال فتم تكليفه بتقديمه، وعند طباعة اسمه ليقرأه المذيع كتنويه للحلقة، تم طباعة الاسم خطأً "بابا شارو" بدلًا من "بابا شعبان".

 وحقق محمد محمود شعبان، نجاحًا كبيرًا في برامج الأطفال حتى أصبح أهم من قدم تلك البرامج في الإذاعة المصرية، ومن أعماله الرائعة إخراج الصور الغنائية و الأوبريتات الإذاعية مثل "عيد ميلاد أبو الفصاد"، و"الدندورمة" و"قِسم"، و أيضًا الرائعة الإذاعية الخالدة " الف ليلة و ليلة " التي كتبها " طاهر أبو فاشا " و قام بتمثيلها الراحلان زوزو نبيل، وعبد الرحيم الزرقاني، إلى جانب برنامج "الأغاني" لـ "أبي الفرج الأصفهاني".

 توفي الإذاعي الكبير محمد محمود شعبان، في العاشر من يناير عام 1999 م عن عمر ناهز 87 عام .

أم الإذاعيين  
هي أول مذيعة في الإذاعة المصرية و صاحبة فكرة أقدم برنامج في تاريخ الإذاعة و هو "إلى ربات البيوت"،  الذي مازال يُذاع حتى يومنا هذا، إنها "أم الإذاعيين" صفية المهندس، التي ولدت بحي العباسية في ديسمبر من عام 1922 م،  كان لوالدها زكي محمد المهندس عميد كلية دار العلوم و نائب رئيس مجمع اللغة العربية دورًا كبيرًا في إتقانها لعلوم اللغة ودقة مخارج الألفاظ، لذلك أصبحت عضوًا بارزًا في جماعة الخطابة المدرسية بمدرسة "السنية".

و عندما حصلت على شهادة "البكالوريا"، التحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، و قد  أقنعها الإذاعيان محمد فتحي، وعبد الوهاب يوسف، بالعمل في الإذاعة المصرية بعد حصولها على درجة "الليسانس"، فتم اختبارها على يد الإذاعي محمد محمود شعبان الذي أجازها كمذيعة.

 و تدرجت الإذاعية صفية المهندس،  في المناصب حتى صارت رئيسًا للإذاعة المصرية خلال الفترة من 1975 حتى 1982 م، وقد ظلت تقدم فقرة يومية ضمن فقرات برنامج "إلى ربات البيوت"،  تجيب خلالها على تساؤلات المستمعات واستمرت في تقديمها حتى وفاتها في 13 يونيو 2007 م عن عمر ناهز 84 عام، و ما زال برنامج "إلى ربات البيوت" يذيع فقرتها بشكل أسبوعي تكريمًا لها .

شيخ الإذاعيين
هو مؤسس إذاعة "الشباب و الرياضة"، ومُقدم البرنامج الفكاهي الشهير "ساعة لقلبك"، إنه الإذاعي فهمي عمر، الذي ولد بمركز نجع حمادي بمحافظة قنا عام 1928 م.

 تخرج من كلية الحقوق جامعة الإسكندرية عام 1949 م ثم تقدم لاختبارات الإذاعة المصرية ليصبح "مذيع خارجي"،  لمدة 15 شهر ثم مذيع أستوديو، لقبه الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بالمذيع الصعيدي و ذلك بعد أن فتح  فهمي عمر، باب الأستوديو لـ "السادات" ليلقى بيان ثورة يوليو 1952 م .

 تدرج فهمي عمر،  في المناصب حتى أصبح رئيسًا للإذاعة المصرية خلال الفترة من عام 1982 م  إلى عام 1988 م، إلى جانب تلك الأسماء الكبيرة هناك الكثير من الأسماء التي لا ننساها أبدًا مثل آمال فهمي، وطاهر أبو زيد، وعمر بطيشة، وسلوان محمود، ونادية صالح، وآيات الحمصاني،  وغيرهم ممن أضاءوا الطريق لمن خلفهم لتظل الإذاعة المصرية نبراسًا منيرًا لسنوات كثيرة قادمة .