يترقب العالم ما سينتج عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، بعد تغيرات سياسية دراماتيكية دفعت الحزب الديمقراطي لتغيير مرشحه في الانتخابات الرئاسية، من الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، إلى نائبته كامالا هاريس، التي حققت تقدمًا في استطلاعات الرأي عقب أول مناظرة رئاسية رسمية لها أمام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لتجذب نحوها الأضواء والاهتمام. لكن لم يكن نجاح "هاريس" هو الأول من نوعه بل سبقتها في هذا المضمار فيكتوريا وودهل، أول امرأة في أمريكا تترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية. كان هذا قبل 153 عامًا، فما قصتها؟
الحكاية تعود إلى عام 1872، عندما ترشحت فيكتوريا وودهل، إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، عن حزب "مساواة حقوق الشعب"، بعد طريق سلكته في الدفاع حقوق المرأة وعن الإصلاحات العمالية، وعن "الحب الحر" (كانت تقصد به حرية الزواج والطلاق والإنجاب دون تدخل من الحكومة).

الطريق إلى الترشح للرئاسة
قبل ترشحها الرسمي بعام (سنة 1871) أعلنت "وودهل" عزمها خوض السباق الرئاسي، بعد إلقائها خطاباً عاماً ضد الحكومة المشكّلة من الرجال فقط، مطالبة بوضع دستور جديد وتشكيل حكومة جديدة. وفي 6 يونيو 1872 تمت المصادقة على ترشيحها، لتكون بذلك أول امرأة تترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة. 
كان هدف حزب "المساواة في الحقوق" - الذي ترشحت عنه "وودهل" - الاستفادة من جهودها لإعادة توحيد صفوف المنادين بحق المرأة بالانتخاب، مع النشطاء في الحقوق المدنية للأمريكيين الأفارقة، بعد أن ذمتها وسائل الإعلام لدعمها الحب الحر. 

مقال واعتقال
قبل الانتخابات الرئاسية بأيام كتبت "وودهل" مقالًا هاجمت فيه رجل الدين المعروف هنري وارد بيتشر، الضالع في جريمة زنا، حيث أن "بيتشر" كان معروفًا بعلاقته الغرامية مع إحدى بنات أبرشيتيه.
عقب نشر المقال ألقى القبض على "وودهل" وزوجها وشقيقتها بدعوى كتابة تلك المقالة، قبل أن يتم تبرئتهم بعد ستة أشهر من الاعتقال الذي حال دون ممارسة "وودهل" حق التصويت في الانتخابات الرئاسية 1872. ولم تكسب "وودهل" صوتًا واحد في هذه الانتخابات. لكنها حاولت تكرار تجربة الحصول على ترشيح للرئاسة في انتخابات 1884 وانتخابات 1892.

ذكاء "وودهل" وثرائها
كانت "وودهل" من أتباع حركة الروحانية الجديدة – وقتها - وحققت نجاحًا باهرًا في العمل في مجال "العلاج المغناطيسي" وجنت منه ثروة طائلة. ثم انتقلت للعمل في البورصة المالية بنيويورك ودخلت في سمسرة البورصة، وحققت منها أيضًا ثروة ضخمة. 
ومع الشهرة أسست مع شقيقتها صحيفة أسبوعية حملت اسم «وودهل وكلافلين»، لتكون أول امرأة في أمريكا تؤسس صحيفة، والتي بدأ نشرها عام 1870، روّجت من خلالها لأفكارها "التحررية"، إذ عُرف عنها أنها "ناشطة ثورية نسوية"، وأثارت كثير من مقالاتها الجدل لمخالفتها القيم والأخلاق التي كانت سائدة في مجتمعه.