تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
يأتي اليوم 9 يناير حاملاً كل التقدير لكل من شارك في تحقيق ملحمة بناء السد العالي، والذين سطروا بهذا المشروع تاريخاً عظيماً يُروى للأجيال القادمة، تمكنوا من ترويض الطبيعة الصخرية في جنوب مصر ليبنوا السد كعلامة بارزة وخالدة في تاريخها.
أعظم مشروع هندسي في القرن العشرين
ذكر وزير الموارد المائية والري، أن مصر تحتفل اليوم بمرور 65 عامًا على قيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بوضع حجر الأساس للسد العالي يوم 9 يناير 1960حيث يعد مشروع إنشاء السد العالي "أعظم مشروع هندسي في القرن العشرين" حمى مصر من الجفاف والفيضانات على مدى عشرات السنوات.
لكن الحكاية ليست حكاية سد، وإنما حكاية شعب قبل التحدي، وبنى السد بسواعده في عشر سنوات، حيث افتتحه الرئيس الراحل محمد أنور السادات رسمياً في 15 يناير عام 1971، واتخذ هذا اليوم عيداً قومياً لمحافظة أسوان، ليسجل التاريخ أنه أول مشروع يُقام لتخزين المياه على مستوى دول حوض النيل.
بلغ عدد العاملين بالمشروع 34 ألف عامل، واستغرق بناؤه 10 سنوات (1960-1970)، بتكلفة بلغت نحو مليار دولار، ويلي السد العالي قناة السويس من حيث الأهمية، وصنفته الهيئة الدولية للسدود والشركات الكبرى في صدارة المشروعات في القرن العشرين.
منخفض سد أسوان
يعتبر “سد أسوان السفلي (المنخفض)" أول سد تم بنائه في مصر عام 1889- 1902، إلا أن ارتفاعه كان منخفضاً نحو 54 متراً، وتم رفعه لاحقاً على مرحلتين: الأولى من 1907 - 1912، والثانية من 1929 - 1933.
وفي عام 1946 كان هذا السد المنخفض على وشك أن يفيض، لذلك تقرر بناء سد آخر على بعد 8 كيلومترات من المنبع، فاقترح وقتها المهندس المصري اليوناني " أدريان دانينوس" عام 1952 مشروع بناء السد العالي في أسوان لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه.
قرار البناء
اتخذ قرار بناء السد العالي في عام 1953، وتم وضع تصميم السد في عام 1954 تحت إشراف المهندس موسى عرفة والدكتور حسن زكى بمساعدة عدد من الشركات العالمية.
وفي أوائل عام 1954 قدمت شركتان هندسيتان ألمانيتان تصميماً للمشروع أيضاً، وفي ديسمبر من العام نفسه أقرت لجنة دولية جدوى بناء السد العالي.
شروط استعمارية
عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر البدء في بناء "السد العالي الجديد لأسوان"، عرضت الولايات المتحدة قرضاً بقيمة 270 مليون دولار، لكنها سحبته، فتقدم عبد الناصر في ديسمبر 1955 لطلب قرض من البنك الدولي، ووافق البنك الدولي على طلب مصر تمويل المشروع، وقدم عرضاً يغطي ربع تكلفته الإجمالية، لكنه كان مصحوباً بشروط أميركية وبريطانية رفضتها مصر واعتبرتها "شروطا استعمارية"، مما دفع البنك الدولي إلى سحب عرضه.
تأميم قناة السويس
وقبلت مصر التحدي ورفض عبد الناصر أسلوب الضغط، فقام على الفور بتأميم قناة السويس في عام ١٩٥٦ لتوفير الموارد المالية اللازمة لبناء السد العالي.
تمويل سوفيتي
وقتها كان يسود العالم نظام دولي ثنائي القطبية بعد الحرب العالمية الثانية، وتوازن القوى بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، وهو ما كان يعطي للدول النامية حرية الحركة، لذلك توجه عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتي ووقع معه في ديسمبر 1958 اتفاقية لتمويل المرحلة الأولى من المشروع، وفي ديسمبر 1959 وقعت مصر اتفاقية توزيع مياه خزان السد مع السودان.
ناصر وحجر الأساس
بدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى من السد يوم 9 يناير1960، بوضع الرئيس جمال عبد الناصر حجر الأساس، شملت هذه المرحلة حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى ارتفاع 130 متراً.
المرحلة الثانية
وقعت مصر يوم 27 أغسطس 1960 الاتفاقية الثانية مع الاتحاد السوفيتي لإقراضها مبلغاً إضافياً لتمويل المرحلة الثانية من بناء السد، وفي مايو 1964 حوّلت مياه النهر إلى قناة التحويل والأنفاق، وتم إقفال مجرى النيل والبدء في تخزين المياه ببحيرة ناصر، وفي هذه المرحلة استمر بناء جسم السد حتى نهايته وإتمام بناء محطة الكهرباء وتركيب التوربينات وتشغيلها، مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء.
إنتاج الكهرباء
وبدأ إنتاج الطاقة من محطة كهرباء السد العالي في أكتوبر 1967، كما بدأ تخزين المياه أمام السد العالي عام 1968، واكتمل بناء السد بشكل كامل في يوليو 1970، واحتفل الرئيس السادات والمصريون بعد عام بافتتاحه رسمياً في 15 يناير 1971.
بحيرة ناصر
وتشكل المياه المحجوزة أمام السد بحيرة صناعية أطلق عليها بحيرة ناصر، يبلغ طولها 500 كيلومتر، ومتوسط عرضها 12 كيلومتراً، حيث تغطي النوبة المصرية بأكملها وجزءاً من النوبة السودانية، واتفقت مصر والسودان عام 1959 على تخصيص 18.5 كيلومتراً مكعباً من المياه للسودان.
استصلاح زراعي وزيادة الثروة السمكية
ساعد السد العالي على استصلاح الأراضي وزيادة المساحة الزراعية من 5.5 إلى 7.9 مليون فدان، وتحويل نظام الري من موسمي إلى مستدام، مما أدى إلى زيادة الإنتاج الزراعي، كما ساعد على توسيع الزراعات التي تعتمد على وفرة الماء كالأرز وقصب السكر.
كما تم توليد طاقة كهربائية تستخدم في إدارة المصانع وإنارة المدن والقرى تصل إلى 10 مليارات كيلووات/ساعة، كما ساهم في زيادة الثروة السمكية عن طريق بحيرة السد العالي (بحيرة ناصر)، وتحسين الملاحة النهرية طوال العام، والأهم ضمان التشغيل الكامل والمنتظم لمحطة خزان أسوان بتوفير منسوب ثابت على مدى العام.
السد العالي والكوارث الطبيعية
وجنّب السد العالي مصر من كوارث الجفاف والمجاعات نتيجة للفيضانات المتعاقبة في الفترة بين عامي 1979 و1987، حيث تم سحب ما يقرب من 70 مليار لتر مكعب من المخزون ببحيرة السد العالي لتعويض العجز السنوي في الإيراد الطبيعي لنهر النيل.
كما جنّبنا أخطار الفيضانات العالية التي حدثت في الفترة بين عامي 1998 و2002، وقد وفرّ على الدولة نفقات طائلة في مقاومة هذه الفيضانات وإزالة آثارها، ولم تقتصر فوائد بنائه على القطاع الزراعي والحيواني فحسب، بل كان له تأثير مباشر على اقتصاد مصر بشكل كامل، وانعكس تأثيره على قوة مصر السياسية والإقليمية ومكانتها في المنطقة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية