تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : "طنبورة" و"نقارة".. الموسيقية الشعبية النوبية بآلتين فقط
source icon

سبوت

.

"طنبورة" و"نقارة".. الموسيقية الشعبية النوبية بآلتين فقط

كتب:محمد أبوشنب

"إذا أردت أن تعرف رقي شعب فاستمع إلى موسيقاه"، مقولة خطرت ببالي وأنا استمع إلى عزف موسيقي مميز، في جلسة سمر دعاني إليها صديقي "أحمد" الذي ترجع أصوله إلى جنوب مصر وتحديدا النوبة.

  كانت الأنغام التي يعزفها اثنين من الموسيقيين، صادرة عن أداتين كانتا غربتين لم أر مثلهما من قبل، إحداهما إيقاعية تشبه كثيرا "الطبلة"، وأخرى وترية تشبه الربابة، أو السمسمية وإن لم تكن كذلك.

نوعان من الأدوات
انتهى العازفان من مهمتهما ونالا عنها الثناء، وبقينا لبعض الوقت نتناقش بشأن دور الموسيقات الشعبية، كواحدة من أبرز الوسائل الفنية المهمة التي يعبر بها المجتمع عن مدى رقيه وتقدمه،  وهنا انبرى أحد الحضور ليلقي بمعلومة، كنت أعرفها للمرة الأولى ، عندما ذكر أن بلاد النوبة لم تعرف سوى نوعين أساسيين من الأدوات الموسيقية الشعبية، وهي التي استخدمها العازفين في سهرتنا.

تأخر الوقت، وانصرفت أنا وصديقي أحمد، وقد شغل تفكيري موضوع مناقشتنا، وقررت البحث فيه لمعرفة المزيد، وتذكرت أن لدي عددا من مجلة الفنون الشعبية، تتضمن موضوعاً عن الآلات الموسيقية الشعبية، سأبحث عنه واطلع باهتمام لما ورد فيه، ولم أضيع الوقت ففور وصولي للمنزل، أخرجت عدد المجلة التي تصفحتها من قبل على عجل، وجلست أقرأ باهتمام.

أدوات إيقاعية
وعرف أستاذ الموسيقى الدكتور محمود أحمد الحفني، في موضوع تحت عنوان  " آلاتنا الموسيقية.. أسمائها وأنواعها"، أن الأدوات الموسيقية الشعبية الإيقاعية الأدوات التي تحدث أصواتًا موسيقية عن طريق النقر عليها، سواء باستخدام أصابع اليد أو أي شيء آخر خارجي، ومنها نوعان،  أحدهما "آلات مصوته بذاتها"، والأخرى "أدوات ذات رق"، ومن الأخيرة نوعان "أدوات ذات صندوق أجوف مغلق"، ومنها أداة "النقارة"، النوبية القديمة جدًا، والتي مازالت تستخدم في بعض القرى النوبية، وخاصًة قرى "الكنوز"، والأخرى تعرف بـ "أدوات ذات صندوق أجوف مفتوح"، ومنها الدف أو الطار، وهى تعتبر من أبرز الأدوات الموسيقية استخدامًا وانتشارًا في بلاد النوبة، وتستخدم على وجه الخصوص في إحياء زفة العروسين.

وخلال بحثي عرفت أن "الطنبورة"،  تعتبر من أبرز الأدوات الموسيقية الشعبية الوترية استخدامًا وانتشارًا في بلاد النوبة، ويصفها د. " فتحي الصنفاوي" أستاذ علوم الموسيقى والفولكلور، ومؤلف كتاب "تاريخ الآلات الموسيقية الشعبية المصرية"، بأنها أداة موسيقية شعبية مصرية نوبية صميمة من فصيلة آلات النبر الوترية البسيطة القديمة جدًا، مازالت مستخدمة حتى اليوم على نفس صورتها التي ابتدعها بها الفراعنة منذ 3000 عام مضت تحت اسم "الكنارة"، وبنفس طريقة الضبط والتسوية والصناعة، وبنفس طريقة العزف والأداء، ولها نماذج رائعة في مقبرة الفرعون "أمنحتب الثاني" الأسرة الثانية عشر بين عامي (1938 – 1904) ق.م.

أسماء عديدة
وتنتشر الطنبورة،  كما قال الفنان النوبي "ثابت تبد" العازف والملحن والمغني - في مختلف الدول الإفريقية المجاورة (كالسودان، وأثيوبيا، والصومال، ووسط إفريقيا)، ولكن تحت أسماء عديدة، لذا تعرف بـ (كِسر – بيذاره – كرار – بيسنكوب أو باسنكوب – جويساركي – نزيرا)، وقد انتقلت بحكم الجوار والتجارة من دول سواحل البحر الأحمر إلي دول الشاطئ الآخر واليمن (عدن) و شواطئ الساحل العماني، ثم إلي سواحل الخليج جميعها، حتى ميناء البصرة العراقي تحت نفس الاسم وبنفس الشكل والتصميم وطريقة العزف، دون استخدامها في المناطق الداخلية لتلك البلاد.

تستخدم الطنبورة المحببة لدى أبناء النوبة والبشارية في إحياء العديد من الاحتفالات والمناسبات، وكذلك جلسات السمر والونسة، فهي أداة يمكن أن تكتفي بذاتها في الأداء، حيث تصاحب الكثير من الأغاني والإيقاعات النوبية التي تعتمد على ضربات الكفوف ودق الأقدام على الأرض كعناصر مكملة للإيقاع أثناء العزف على هذه الأداة، وهي ايقاعات سائدة في منطقة المحس والسكوت ودنقلا بالسودان، كما لا توجد بجانب هذه الأداة أية أدوات إيقاعية أخرى أثناء العزف عليها.

طنبورة الزار
ومن الطنبورة نوعًا آخر، لكنه أكبر حجمًا من النوع العادي، يستخدم هذا النوع استخدامًا طقوسيًا لدى الجماعات المنظمة لـ"الزار"،  المعروفة باسم "فرق الزار السوداني"، وتعد الطمبورة لدى هذه الجماعات الآلة الرئيسية التي تصاحب مراحل العلاج في الزار حتى باتت هذه الجماعات تعرف أيضاً باسم "فرق زار الطمبورة"، ويشيع لديهم ولدى مريديهم أن للطمبورة قوة خاصة تؤثر في الأرواح المتلبسة أجساد المرضي،  ومن ثم اكتسبت الطمبورة في هذا الاطار ولا تزال قدسية خاصة انعكست على طريقة التعامل مع الآلة، حيث يخصص لها مكان معين لا يوضع فيه شيء غيرها.

 كما يخصص لرعايتها وللعزف عليها فرد بعينه يقوم بصيانتها ويغسلها بماء الورد قبل العزف عليها، وربما لذلك توجد الطمبورة عند جماعات الزار مزينة بالأقمشة الملونة وبالأحجبة ومسابيح الخرز المثبتة في زواياها، وتستخدم في فرق الزار بصحبة طبل المراوس والمنجور فقط.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية