انطلق مؤخرا موسم حصاد القطن في الوجه القبلي، ويستمر لمدة 100 يوم تقريبا، فيما سيبدأ في الوجه البحري أول أكتوبر المقبل ويستمر قرابة شهرين، من مساحة 311 ألف فدان، بزيادة 29 % عن العام الماضي تمثل 86 ألف فدانا.

وشهد موسم 2023 زراعة 225 ألف فدانا، خصص لها في حينها 252 مركز تجميع "شونة"، منها 27 في الصعيد و 225 في الوجه البحري.

أعداد الشون
الموسم الحالي 2024 سيحتاج إلى عدد ومساحات أكبر من الشون لتخزين القطن، وهي مرحلة ما بعد الحصاد وتوريده للحكومة، وقبل طرحه في المزاد العلني لشركات حلج الأقطان، وتنقيته من الشوائب والبذور تمهيدا لإدخاله مرحلة الغزل والنسيج، وهي من أكبر الصناعات الوطنية التي يرتكز عليها الاقتصاد المصري.

 وفي حال زيادة عدد الشون بنفس نسبة المساحات الزائدة والمنزرعة العام الجاري، ينتظر أن تحدد الدولة ممثلة في وزارتي الزراعة وقطاع الأعمال والبنك الزراعي زيادة 73 مركزا جديدا فوق العدد المخصص الموسم الماضي، لتقترب من 325 شونة.

إنتاجية الفدان
ويختلف حجم حصاد القطن في الفدان، وذلك حسب الصنف "التركيب الوراثي" والمعاملات الزراعية والتغيرات الجوية وغيرها، ويتراوح بين 8 و10 قنطارا للفدان الواحد، بحسب د. مصطفى عمارة، رئيس بحوث المعاملات الزراعية، المتحدث الرسمي لمعهد بحوث القطن.

 ويزن القنطار "زهر بعد الحصاد" 157.5 كيلو جراما، ويزن بعد الحلج "شعر" 50 كيلو جراما، "بين 1260 و1575 كيلو للفدان"، وهذا الفرق في الوزن يسمى "تصافي حليج" ويكون عبارة عن شوائب وبذور القطن المستخلصة منه أثناء الحلج.

القيمة بالأرقام
وبحسبة بسيطة فإن الإنتاج المصري من القطن حسب المساحة المنزرعة الموسم الحالي، سوف تتراوح بين "391 و489 ألف طن"، بما يقدر بـ "2.488 و3.110 مليون قنطارا".

وقدرت الدولة قيمة القنطار في الصعيد بـ 10 آلاف جنيه، وفي الوجه البحري بـ 12 ألف جنيها للقطن طويل التيلة، وبالتالي تكون القيمة الاقتصادية لإجمالي محصول القطن في صعيد مصر "40 ألف فدان" بين 504 و630 مليونا، وفي الوجه البحري تتراوح القيمة الاقتصادية المتوقعة لمحصول القطن هذا الموسم "270 ألف فدان" بين 4.82 و5.1 مليار جنيها، بقيمة إجمالية تتراوح بين 5.4 و5.65 مليار جنيها.

تداول الأقطان
وقال الدكتور مصطفى عمارة، أن ضمان جودة المنتج ومستوى نظافته، عامل مهم لإنتاج أقطان عالية الجودة، يمكنها الوصول إلى القيمة المضافة المطلوبة في كافة مراحل صناعة الغزل والنسيج، ولذلك استعدت الدولة لمنظومة تداول الأقطان، حيث يتم بيعها في مزادات علنية بحضور المزارعين وشركات التجارة، مع ربط سعر فتح المزاد بالأسعار العالمية، مع الالتزام بأسعار التوريد الحكومية.

وتتابع تلك المنظومة، لجنة تنفيذية تابعة للجنة الوزارية للقطن، مشكلة بالقرار الوزاري رقم 25 لسنة 2024، بشأن نظام تداول القطن الزهر للعام 2024-2025، وتضع أسس تنفيذ نظام التداول، ومتابعته، وفتح الشون، وتسليم وبيع القطن بها في مزادات علنية، وتحديد سعر فتح المزاد، وتأمين دخوله، ومواعيد أخر توريد من المزارعين، على أن تكون تلك العملية دون وسطاء.

ضوابط وإرشادات
وللحفاظ على القيمة الاقتصادية للأقطان، يجب ضمان نقلها من الأرض لمخازن المزارعين، والتي تستقر بها بين أسبوع واثنين على أقصى تقدير، ثم الشون الحكومية بضع أيام، وحتى بيعها في المزاد العلني للمحالج، كما أوضح د. عبد الناصر رضوان، مدير معهد بحوث القطن، بمركز البحوث الزراعية، وهو ما يستلزم اتباع عدد من الضوابط والإرشادات لضمان جودة المحصول، وعدم إهدار قيمته بسوء التخزين.

ويخزن القطن الزهر بعد جنيه وحتى الحلج، وأكد د. عبد الناصر رضوان، أنه للحفاظ على قيمة القطن، يتم تخزينه عبر عدة طرق، أولها في كومات بفناء المحلج، يبلغ ارتفاع كل منها عدة أمتار، وغالبا ما تترك دون أغطية في مناطق عدم سقوط الأمطار.

وثاني الطرق هي تخزين القطن مكبوسا داخل مقطورات تترك في فناء المحلج، حتى يحين موعد حلجها، الذي يجب أن يكون قريبا، وثالث طرق التخزين السليمة للقطن، أن يوضع داخل أكياس، وهذه الطريقة هي الوسيلة الوحيدة لنقل وتداول وتخزين القطن الزهر في مصر، وتلقى الأكياس المعبأة على سطح أرض الشونة، وقد توضع في رصات ودون توفير حماية لها ضد العوامل الجوية، ويمكن أن ترص فوق أرضيات خشبية أو خرسانية، وقد تترك معرضة لأشعة الشمس، وتحمى ضد العوامل الجوية، وفي جميع الحالات السابقة، تترك أكياس القطن دون أي تحكم في الرطوبة النسبية للجو المحيط، أو في حرارته.

تأثير التخزين
وتؤثر عملية تخزين القطن الزهر، على الكثير من صفات الشعر والبذرة، خصوصًا صفة لون الشعر، والتي يستدل منها على مقدار تأثر صفات الشعر الأخرى بعملية التخزين.

ويظهر على القطن المخزن نوعان من تغير لون الشعر، حسب د. مصطفى عمارة، رئيس بحوث المعاملات الزراعية، بمعهد بحوث القطن، الأول التبقع، ويحدث التبقع نتيجة لانتقال مادة التانين من البذرة إلى الشعر، والثاني القتامة، وتحدث نتيجة تأثير البكتيريا، والتي يمكن أن تتسبب أيضا في تبقع القطن إذا تبلل، وقد يتسبب الجني الآلي في تغير لون الشعر نتيجة لسحق بعض الأوراق الخضراء أثناء الجني، وانتقال مادة الكلوروفيل من أنسجة الأوراق المسحوقة إلى شعر القطن، فتلوثه باللون الأخضر.

ويتغير لون شعر القطن المخزن إلى الأصفر كلما طالت فترة التخزين، ويزداد الاصفرار في بداية فترة التخزين عما بعدها، وكذلك في الأجواء الرطبة عن الجافة.

الحماية في الشون
يمكن تخزين القطن دون أن يلحق به تدهور في صفاته، إذا انخفض محتوى الرطوبة في القطن المخزن عن 10%، ويزداد التدهور إذا ارتفعت الرطوبة، ولذلك يجب عدم تخزين القطن مرتفع الرطوبة أو المرتفع في نسبة المواد الغريبة المصاحبة له، لذلك يجب الإسراع بحلج مثل هذه الأقطان وإذا ما دعت الحاجة لتخزينها، وجب في هذه الحالة تجفيفها قبل تخزينها، ولكن يجب ملاحظة عدم الإسراف في تجفيف وتنظيف القطن المراد تخزينه، توفيرا للتكلفة.

وتلاحظ أن معدل الاصفرار في الرتب العالية من شعر القطن، يفوق معدل حدوثه في الرتب المنخفضة، كما يفوق معدل الاصفرار في القطن المخزن في الأجواء عالية الحرارة، عن معدل حدوثه في الأجواء منخفضة الحرارة.

 حموضة القطن
ويشير د. مصطفى عمارة، إلى أنه أثناء تخزين شعر القطن، مرتفع الرطوبة، قد يواجه ارتفاعا في نسبة الحموضة، إذا تعرض للكائنات الدقيقة، وبالتالي التغير في صفاته، خاصة لمتانة الشعر والغزل، وعادة ما ترتفع نسبة صافي الحلج للقطن الزهر المخزن عن مثيله غير المخزن، ويرجع ذلك إلى انخفاض وزن البذرة نتيجة لنشاطها البيولوجي أثناء التخزين، في الوقت الذي يبقى وزن الشعر دون تغيير.

ويؤدي تطاير الأتربة على شعر القطن سواء في الحقل بعد تفتح اللوز، أو في مكان التخزين، إلى تغير لون شعر القطن إلى القاتم، فتقل نسبة انعكاس الضوء عليه، دون أن يحدث تغيرا حقيقيا في لون الشعر.

التخزين في بالات
وأجريت تجارب عديدة على القطن الشعر المخزن في بالات، لفترات متباينة المدة، وتحت ظروف تخزين مختلفة، وأسفرت هذه الدراسات – والكلام للمتحدث الرسمي لمعهد القطن - عن عدد من النقاط، وهي:

1- كلما طالت مدة تخزين الشعر في البالات، زادت درجة اصفراره وانخفضت رتبته.

2- أهم العوامل التي توقف حالة التدهور لشعر القطن المخزن، هي صنف القطن المخزن، ورتبته، والظروف الجوية المحيطة، وكثافة البالة، ومدة التخزين.

3- لم يظهر أي تأثير على شعر القطن المخزن لعامين، على أي من صفات طول التيلة، أو نعومة الشعر، أو متانة الغزل، أو عدد العقد في خيوط الغزل.

سموم وبكتيريا القطن
تتكون الأفلاتوكسينات في بذرة القطن الزهر والمخزن، وهي "سموم ضارة بالإنسان يفرزها بعض أنواع الفطريات، ويتوقف نموها على عدة عوامل أهمها:

1- نسبة البذور التي تحمل الميكروب في القطن المخزن، حيث يزداد احتمال تكوين الأفلاتوكسينات في البذرة، كلما زادت شدة إصابتها بالكائنات الدقيقة، خصوصا إذا اشتملت الإصابة على فطر الأسبيرجلوس والبنسلين.

2- المحتوى الرطوبي للقطن المخزن، حيث يزداد احتمال تكوين الأفلاتوكسينات كلما ارتفع المحتوى الرطوبي للقطن، وكذلك البذرة.

3- مدة التخزين، فيزيد احتمال تكوين آلاف الأفلاتوكسينات، كلما طالت فترة تخزين البذرة.

4- طريقة التخزين، وهنا يقل احتمال تكوين الأفلاتوكسينات تحت الظروف الجيدة للتخزين.