"إيترو عا" المقدس عند المصريين منذ عهد الفراعنة و يعني بلغتهم "النهر العظيم".. لما لا  وقد كان هذا النهر بالنسبة لهم حياة، ولولاه لم تكن مصر لتصبح واحدة من أهم الحضارات في التاريخ .

وحديثا، دفعت أهميته مصر لافتتاح متحفا باسم "متحف النيل"، توثيقا لرحلته عبر 11 دولة أفريقية تشمل بوروندي،  و الكونجو الديمقراطية،  ومصر وأريتريا وأثيوبيا وكينيا وجنوب السودان ورواندا وتنزانيا وأوغندا ، وليسلط الضوء على الجوانب الثقافية لجميع دول القارة السمراء.

مراحل الإنشاء

مر إنشاء المتحف بمراحل ثلاثة،  حيث بدأ العمل فيه في  2004م ولكن تم افتتاحه رسميًا في 10 يناير 2016 م بحضور رئيس الوزراء المصري آنذاك د. شريف إسماعيل، وممثلين عن  دول حوض النيل الـ 11

وبحسب  المهندس محمد غانم المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية والري، التي أقامت المتحف، فقد أقيم لتعزير العلاقة بين مصر ودول الحوض علي مساحة 15 فدان، ويرصد رحلة النهر العظيم الذي يتغذى من كل من النيل الأبيض في شرق القارة من  بحيرات فكتوريا، وألبرت، و إدوارد ، والنيل الأزرق من هضبة الحبشة حيث يلتقي  النهران في الخرطوم عاصمة السودان ثم يمران عبر الصحراء ليصلا إلى مصر ويتحدا  معا في نهر النيل ، الذي يتفرع إلى دلتا كبيرة تنتهى أخيراً في البحر الأبيض المتوسط يتم استعراضها لكل زوار المتحف كجرعة ثقافية مهمة للتعريف بأهميته.

تاريخ السد العالي

وتم تخصيص 2000  م 2 ، تضم  العديد من اللوحات الفنية التي تعرض تاريخ السد العالي وتخليد الشهداء الذين سقطوا أثناء إنشاؤه،  كما أوضحت المهندسة إيرين فايز مدير عام متحف النيل، كما زودتها وزارة الثقافة بـ 61 لوحة فنية مهمة توضح أبرز ما تناوله كبار الفنانين والشعراء  المصريين، أمثال حافظ إبراهيم، عن رحلة النهر  في مصر.

وكان ملتقى الشباب العربي الافريقي الذي نظمته مصر في مارس  2019 وحضره الرئيس عبد الفتاح السيسي نقطة تحول في تغيير اسمه من "متحف النيل " إلي "المركز الثقافي الإفريقي"،  بعد إعلان أسوان عاصمة الشباب الأفريقي لزيادة دعم العلاقات مع الدول الافريقية بأكملها وليس مع دول الحوض فقط.

تاريخ المشروعات

ويستحوذ النيل والكلام لمديرة عام  المركز الثقافي،  علي الطابق الأول من المتحف الذي يضم عدة قاعات تحكي تاريخه والمشروعات التي نفذتها مصر في أسوان لاحتواء فيضانه، ففي شمال المدخل حجرة تحتوي على ماكيت لمبنى المتحف بأكمله في مواجهة لقاعة  "حابي" على الجانب الأيمن من المدخل، والتي سميت على اسم إله النيل عند المصريين القدماء، وتتزين القاعة بستة تماثيل قائمة للإله حابي.

ومن قاعة حابي يكون الدخول إلى قاعة  "الباثيو"، اي دول الحوض التي بمجرد الدخول فيها تشعر وكأنك في الغابات الأفريقية بفعل المؤثرات الصوتية للمياه الجارية والحيوانات البرية، والنافورة التي تجسد نهر النيل و11 دولة يمر بها رفعت أعلامها علي جانبيه ، وسط النباتات الطويلة ونماذج لحيوانات برية مثل التمساح والفيل.

أجواء تاريخية

ولازال الدور الأول مليء بالقاعات واحدة منهم بها نماذج مصغرة وخرائط لخزان أسوان والسد العالي والأخرى تعرض خريطة حوض النيل والمشروعات المتعلقة به في مصر بداية من عصر الفراعنة حتي العصر الحديث وكيفية استخدام الفراعنة  لمقياس النيل وما تلاها من مشروعات مرورا بعصر محمد علي باشا وعصر الخديوي إسماعيل، و قناطر محمد علي وقناطر أسيوط الجديدة، و مشروع خزان أسوان وفي عصرنا الحديث مشروع السد العالي ، المشروع الأهم على الإطلاق، والذي انقذ مصر سنين كثيرة من خطري الجفاف والفيضان. وتستعرض ايضا وزراء الري المصريين خلال القرن الماضي حتى اليوم .

وبالصعود إلي الطابق الثاني ، علي وصف م. إيرين نجد دورا كاملا يعرض الأجواء الثقافية الأفريقية يحمل أسم الأجنحة ( شمال – جنوب- شرق – غرب – وسط ) أفريقيا من خلال لوحة تميز أبرز ملامح هذه الدول ، مثل عملتها النقدية، أشهر أنهارها ، أشهر قبائلها ، أشهر أماكنها والإقليم الجغرافي الخاص بالمنطقة التي تقع فيها الدولة، باستخدام تقنية الصوت والصورة،  قبل أن تواصل أن وزارة الموارد المائية والري أنتجت أفلاما لكل دول أفريقيا حيث يستغرق كل فيلم منهم من 3 إلى 4 دقائق باللغات الإنجليزية والفرنسية، إضافة للعربية يتحدث فيها الفيلم عن الدولة مفصلا الموقع، المساحة، عدد السكان و أشهر الزراعات، أشهر الصناعات، الملامح الثقافية للدولة ، حتى أشهر  المأكولات، والناتج المحلي وبالطبع أشهر الأنهار تعطي معلومات شاملة عن الدولة.

ساحة للأحياء المائية

وتفاعلت العديد من الدول الإفريقية مع فكرة المركز الافريقي وفق تأكيد م. إيرين،  لدرجة جعلتها تهدي مقتنيات خاصة بهم للمركز ليتم عرضها داخله وهو ما عكس انطباعا ايجابيا لدي كل زوار المركز الثقافي بالأخص من الأفارقة الذين يلمسون مدي تقدير مصر لبلادهم والتي حرصت اشد الحرص علي وضع ساريات  ترفع اعلام دولهم في مدخل المتحف و بنفس ارتفاع علم مصر تعزيزا وتقديرا لهم .

يحتوي الدور الثاني ايضا منحوتات ولوحات لأسماك وطيور وقوارب في أركان مختلفة و ساحة للأحياء المائية وقاعة تفاعلية مخصصة للأطفال، تعرض أفلام رسوم متحركة من خلال التمساح وفرس النهر، يتحدثان عن نهر النيل وأهمية الحفاظ على مياهه وحمايته من التلوث.

زائرو العيد

ووفقا للمهندس طارق علي حسنون وكيل المركز الثقافي الإفريقي انه في الفترة الأخيرة تم الاستفادة من المنظر الرائع للمكان بافتتاح مشروعات جديدة داخل المركز ، منها انشاء مسرح مكشوف يسع 2500 فرد يطل علي خزان اسوان ،و ملعب خماسي، تستفيد منه أكثر طلاب الرحلات المدرسية باقتناص ساعة رياضة مع بعض الفرق  المختلفة بجانب إَمكانية التنزه في اللاندسكيب الخارجي للاستمتاع بالمنظر الجميل وغيرها من الانشطة .

ويعمل المركز الان  وفق م. حسنون علي قدم وساق استعدادا لاستقبال الزوار في عيد الفطر بعمل صيانة شاملة لكل المكان الذي  بلغ عدد زائريه اكثر من مليون زائر منذ افتتاحه ، و هناك خطوات جادة من الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري ليضع المركز الثقافي  الأفريقي على الخريطة السياحية، بالتعاون مع وزارة السياحة لزيادة عدد السياح حيث زارته شخصيات هامة وسفراء ووزراء وقيادات .