عبد الله السعودي.. ميجيل الأسباني.. البلجيكية إليسيا يانكون، أسماء مختلفة من جنسيات متنوعة وغيرهم العشرات وربما المئات من "البلوجر" أو من يطلق عليهم المؤثرين في "السوشيال ميديا"، نظرا لعدد المتابعين لصفحاتهم الذين يقدر بالملايين.. جاءوا إلى مصر زائرين، قبل أن يرتبطوا بها ويذوبوا بين أبنائها، وكان من أبرز ما عشقوه طعامها، ويشهد بذلك آلاف مقاطع الفيديو التي قدموها هؤلاء عن أنواع الطعام المصري.

محاشي.. صواني.. فطير مشلتت.. أرز معمر.. حمام محشي.. ممبار.. طواجن.. ملوخية.. طعمية.. كشري.. فخفخينا.. عصير قصب.. عناب، وغيرها الكثير أطعمة ومشروبات اشتهر بها المصريون، وانتشرت في ربوع الوطن العربي، وعرفها بعض الأوروبيين من خلال فروع لمطاعم مصرية في العواصم الخليجية، والأوروبية، ومن خلال السائحين الذي حضروا للقاهرة وعشقوا مذاقها، بل إن بعضهم يرتب برنامجا خاصاً لتناول الطعام عند زيارته لمصر حتى لا يفوته نوع منه.



نمط سياحي جديد
و"تعد "سياحة الطعام" أحد الأنماط السياحية الجديدة، الأكثر جذبا للسائحين الباحثين عن تجربة الاستمتاع  ليس بمذاق الطعام وحده، بل لأنه يعبر عن الثقافة المحلية للدول التي يزورونها، وهناك دول شهيرة بأكلاتها الجاذبة للسائحين، ومنها مصر بما لديها من مقومات كبيرة في هذا النمط ، لزيادة الحركة السياحية الوافدة، ومن ثم رواج لكل أنشطتها الاقتصادية المترتبة على هذا الإقبال، فضلا عن تحقيق دخل أكبر من العملة الأجنبية التي تحتاجها"، كما أكد عمرو القاضي الرئيس التنفيذي لهيئة تنشيط السياحة.

وأصبح "تريند" لدى السائح العادي عند الوصول إلى وجهة سياحية،  أن يستمتع بالثقافة المحلية، من خلال تضمين تجربته السياحية،  الاستمتاع بالطعام المحلى،  أو موسيقى البلد،  أو الملابس الخاصة بها،  أو هداياها، والحديث ما زال لـ"القاضي"، قبل أن يواصل قائلا: "فالطعام لا يتوقف أمره عند مجرد الأكل لأجل الحياة فقط،  ولكن الاستمتاع بتذوقه أيضا، فأصبح هناك فنا في تقديمه بأشكال مختلفة، كما يحدث على سبيل المثال عند تقديم طبق الملوخية في العديد من المطاعم".



تنوع الأطباق المصرية
وانتبهت مصر لهذا الأمر مثل بقية دول العالم، كما أكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنشيط السياحة، خاصة وأن المطبخ المصري يتسم بثرائه وتنوع أطباقه، من منطقة جغرافية لأخرى، فنوعية الأسماك بالإسكندرية تختلف عنها بالسويس،  وطريقة الطهي مختلفة أيضا، وكذلك الخبز المصري، تتنوع أشكاله وأطعمته، بين بحرى وقبلي، فكل منطقة لها خصوصيتها في طريقة إعداده ومكوناته على الرغم من أن مكونه الرئيسي الدقيق،   وهو ما يعكس الثقافة المحلية لكل منطقة ومن ثم البلد ككل.

ولكن في نفس الوقت "يأسف" القاضي، علي أن المطبخ المصري لم يحظ بما يستحقه من سمعة عالمية كنظيره المغربي أو اللبناني أو الإيطالي أو الفرنسي على سبيل المثال،  مستطردا: "ينقصنا أمرين أولهما الترويح له،  وثانيهما أن نعيد تقديمه بطريقة معاصرة جذابة،  لذا بدأنا في التعاون مع بعض الجهات التي يتنامى اهتمامها  بتقديم الطعام المصري، فأطلقنا مبادرة بالتعاون مع "جوجل" بقسم الثقافة بعنوان "سفرة مصر" لتعريف الجمهور في  مصر أولا بأصل الأكلات وطرق التقديم وخاصة الأكلات التراثية التي أصبح لا يعرفها الكثيرون،  ونعيد تقديمها من جديد من خلال وصفات الأكل بفيديوهات أو مقالات أو قصص إخبارية عن الطعام".

مبادرة طبلية مصر
وأشار القاضي إلى "طبلية مصر"، وهى المبادرة التي طرحها المتحف القومي للحضارة المصرية، بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة،  والتي تقدم وصفات لأبرز الأكلات المصرية.

وأضاف : "كما أطلقنا خلال الفترة الماضية، فعالية "أسبوع الطعام بالقاهرة" في دورته الثانية، وتم خلاله استضافة شيفات عالميين من مناطق مختلفة من العالم، على غرار أسبوع الموضة، قدم الشيفات خلاله عروض للطعام بابتكارات مختلفة منها ما كان مزيجا بين المصري والعالمي، وذلك في أماكن متفرقة بالقاهرة،  وحظي الحدث بتغطية إعلامية كبيرة من وسائل إعلام عربية وأجنبية، كما حرصنا على تصوير الكثير من مقاطع الفيديو، وبثها على منصات مختلفة،  بهدف نشر ثقافة الطعام المصري، كنمط جديد من أنماط السياحة إلى مصر.

الكشري في برنامج سياحي
و"لا تخلو الخطط السياحية لزيارة مصر من تناول طبق الكشري عدة مرات وأيضا بعض الأطعمة المصرية الأخرى"،  كما أكدت زوبيدة حمادة الصحفية الأردنية المتخصصة في الشأن السياحي،  قبل أن تتابع: "فكل بلد تتميز بنكهة طعامها، والكشري في مصر له مذاق خاص، سواء من ناحية الطريقة والمكونات، وأيضا طريقة التقديم، والجلسة التي تجعلك تشعر بالبساطة والقرب من المصريين، عندها ما يجعلك تشعر بالسعادة".



التاريخ خلف الأطباق
 و"ينفرد المطبخ المصري بمأكولات مميزة ذات مذاق خاص، لا يمكن أن تراها في بلد سوى مصر"، وفقا لـ مها الغامدي بلوجر سعودية، مؤكدة أن من أشهر الأكلات التي تميز المطبخ المصري وتحب تناولها، الكشري والملوخية والفول والممبار والشاورما والكبدة الإسكندراني والمحشي، إضافة لأطباق الحلوى المميزة مثل الكنافة والبسبوسة وأم علي.

وأشارت إلى تأثير المطبخ  المصري على الدول المجاورة،  إذ انتقلت أطباقه  مثل الفول والطعمية والشكشوكة وأم علي وغيرها،  للدول المجاورة والخليجية، مستطردة: "المطبخ المصري لا يمتاز بعراقته وتنوعه بالأكلات والمشروبات المميزة  في الطعم فقط،  بل في الحكايات الطريفة والغريبة أحيانا، والتي تعكس كثرة الثقافات التي مرت على مصر، وتركت أثرا لها من خلال أطباقها، من العهد الأموي وأخرى من العصر الفاطميين، بينما لم تغب الأكلات المملوكية والعثمانية عن المائدة المصرية".