تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : القمح الأسود.. طريق مصر لتحقيق الكفاية الغذائية والحل لمرضى حساسية الجلوتين
source icon

سبوت

.

القمح الأسود.. طريق مصر لتحقيق الكفاية الغذائية والحل لمرضى حساسية الجلوتين

كتب:سعاد طنطاوي

خلال السنوات الماضية، حذّر عدد من العلماء والباحثين من وجود فجوة غذائية وتغذوية في مصر، نظرًا لإنتاجنا قرابة الـ55% فقط من احتاجاتنا من القمح واستيرادنا للباقي، علاوة على النقص الغذائي والحساسية الملحوظة من جلوتين القمح "مرض الاضطرابات الهضمية"، بين الأطفال حديثي الولادة، ومن يُعانون من الأمراض غير الانتقالية، وهنا برزت أهمية الحلول التي تُقدّمها المراكز البحثية، من نظم زراعية حديثة تحد من إجهاد التربة، وتُقلل من استهلاك المياه والطاقة، وصولًا لاستحداث محاصيل جديدة، وإجراء الدراسات والتجارب عليها لتكون بديلًا أمنًا لسد الفجوة، وعلاج الأزمة.

وكان أبرز هذه الزراعات "القمح الأسود"، أو "الحنطة السوداء"، التي اصبحت مكملا موضوعيًا ومُناسبًا للقمح، في ظل التغيرات الجيوسياسية، التي تُمثّل عائقًا أمام زراعة احتياجاتنا الكاملة من القمح، بالإضافة لصعوبة استيراد أغذية خالية من الجلوتين.

بديل جديد للقمح

"الجامعة نجحت في التوصل بالبحث والدراسة لإمكانية زراعة أنواع جديدة، ولأول مرة من نبات "القمح الأسود"، تحت ظروف البيئة المصرية". هكذا تحدثت الدكتورة هالة أحمد عبد العال أستاذ الخضر بمعهد الدراسات والبحوث البيئية، ومدير مركز دعم وتسويق الاختراعات والابتكارات بجامعة مدينة السادات.

وأضافت: "يعد "القمح الأسود" أحد أنواع النباتات التي تنتج دقيق عالي القيمة الغذائية، لكن ليس من نباتات العائلة النجيلية، وبشكل أوضح لا ينتمي إلي نبات القمح بأي شكل، ولم يدرج في خريطة مصر الزراعية من قبل، نظرًا لأنه محدود الانتشار وغير مُستغل على الصعيد العالمي رغم خصائصه العالية غذائيًا وبيئيًا.

د-هالة.jpg
د. هالة عبد العال
سلالات من أمريكا والصين وروسيا

ومن أهم خضائص المحصول الجديد – والحديث ما زال لـ"هالة" – دورة زراعته القصيرة، وموسم إزهاره الطويل، وتعزيزه للتربة، ونموه في بيئات فقيرة، واحتياجه القليل للمياه، وهي مزايا قد تخفف من أثر التحديات البيئية المتزامنة، كتغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي والتصحر في مصر.

وتابعت: "وهناك دراسة مهمة منشورة في مجلة Springer Nature أعدها الباحث المصري محمد حسونة، ماجستير قسم التنمية المتواصلة للبيئة وإدارة مشروعاتها، بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة مدينة السادات بعنوان "إستراتيجية COAR القائمة على الزراعة المتوافقة مناخيًا"، وعرضت ضمن مشاركة الجامعة في مؤتمر الدول الأعضاء COP27 بمدينة شرم الشيخ، والتي قامت على استجلاب مجموعة من سلالات القمح الأسود من عدة مناطق حول العالم منها الولايات المتحدة والصين ونيبال وروسيا وطاجيكستان لاختبار مدي استجابة نموهم وتطورهم تحت الظروف المناخية لمصر، وخاصة في أراضي صغار المزارعين في الأراضي حديثة الاستصلاح."

تجارب الشرقية والمنوفية

وذكرت أستاذ الخضر بمعهد الدراسات والبحوث البيئية، أن السلالات تنقسم إلى نوعين هما "القمح الأسود الحلو" المعروف علميًا – وفق الدراسة- باسم Fagopyrum esculentum، و"القمح الأسود المر" المعروف باسم Fagopyrum tataricum.

وأوضحت أنه تم استيراد بذورهما من كاليفورنيا، بالولايات المتحدة الأمريكية، وزراعتهما عبر ثلاثة مواعيد متتالية في منتصف نوفمبر ويناير ومارس من خلال تجربة حقلية في موسمين زراعيين متتاليين 2018/2019، و2019/2020 في أرض زراعية خصبة بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، وأرض مستصلحة حديثًا بالمزرعة البحثية لجامعة مدينة السادات بمحافظة المنوفية تحت إشراف الدكتورة نهلة فتوح أستاذ الخضر المساعد بالمعهد.

تفوق الصين والهند ونيبال

وتؤكد الدكتورة هالة عبدالعال، أن دورة حياة النبات في كلا التجربتين بلغت 90 يومًا إلى 100 يوم فقط، وأظهرت النتائج البحثية – وفق الدراسة - أن القمح الأسود المر المستجلب من الصين والهند ونيبال أظهر تفوقه في الإنتاج النباتي تحت الظروف البيئية المصرية، واستخرج منه دقيق عالي الجودة من التجربتين، سواء في محافظة الشرقية أو مدينة السادات، وبلغت نسبة الدقيق الصافي 66.5%، كما أظهر التحليل الكيماوي للمكونات الفعالة للدقيق المستخرج نسب مكافئة للمتوسط العالمي في البروتين والمكونات الأخرى.

واشارت إلى أنه تم خلط الدقيق مع مكونات أُخرى كدقيق القمح، ودقيق الذرة، والشعير، لتكوين عجائن ومنتجات غذائية مثل الخبز البلدي وخبز القوالب والبسكويت والمعكرونة، وجاءت النتائج مُبشّرة من حيث قابلية الخلط والخبز والتسوية بمعايير ريولوجية وتكنولوجية، تمت بواسطة المركز القومي للبحوث تحت أشراف الأستاذ الدكتور أحمد محمد سعيد حسين أستاذ الصناعات الغذائية بالمركز.

القمح الأسود يتفوق

ووفق دراسة الباحث محمد حسونة، تغلّب القمح الأسود على تحديات كثيرة، منها زيادة أعداد السكان المصابون بأمراض التحسس من الجلوتين، بسبب هشاشة النظم الغذائية الحديثة والتي تؤثر بشكل معنوي في الصحة العامة للمجتمع، حيث يوجد بين كل 10 أطفال، طفل واحد لديه تحسس كامل أو جزئي من الجلوتين في الأطعمة.

باحث.jpg
الباحث محمد حسونة

كما تشير الدكتورة "هالة عبد العال"، إلى أن التحدي جاء في الملائمة المناخية لاستقطاب محاصيل تنتج منتجات خالية من الجلوتين غير معروفة على الخريطة الزراعية، لسد فجوة الاستهلاك المتنامي بسبب الزيادة السكانية المُتسارعة في مصر.

مواجهة التغيرات الجيوسياسية،

وتختتم مديرة المركز بقولها: "من خلال التجربة السابقة، يمكننا القول إننا على طريق مواجهة التغيرات الجيوسياسية، وتحقيق الكفاية الغذائية من ناحية، وإيجاد حلول لمرضى حساسية الجلوتين، وغيرها من الأمراض غير الانتقالية من ناحية أخرى، علاوة على استحداثنا لمحاصيل جديدة ليست على الخريطة الزراعية المصرية، تتميز بدورة زراعة قصيرة نسبيًا، وليست مُكلفة في المياه، وغير مُجهدة للتربة، وتتناسب مع الحيازات الزراعية الصغيرة، ما يجعلها حلًا وبديلًا مثاليًا".

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية