كنت ألبي دعوة، أحد جيراني في العقار الذي أقيم فيه مع أسرتي، إذ اعتدنا كل عام على تبادل الزيارات في الشهر الكريم، نظرا لأن عائلاتنا، يقيمون في محافظات بعيدة، ومن هنا أصبحت أسرتينا أنا وجاري بمثابة الأهل.

وبينما جلسنا نتسامر، بث على التليفزيون واحدة من الأغاني، التي تضمنت مشاهدها فتيات نوبيات، يرتدين حلياً بارزة، وهنا أبدت زوجة جاري إعجابها بالملابس والحلي التي ترتديها الفتيات، قبل أن تعلق قائلة: "هذه التصميمات جميلة وأعتقد أنها لا تليق إلا بجمال النوبيات، كما أنني لا أعتقد أنها متداولة بكثرة خارج مجتمعهم".

الحلي أداة أساسية للزينة

ولأنني من المهتمين بتلك البقعة الساحرة من أرض مصر، فقد انبريت للتحدث عن الحلي الشعبية  لنساء النوبة، كأداة أساسية من أدوات التزين والتجمل، مستشهدا بما كتبه الدكتور علي زين العابدين في كتابه (فن صياغة الحلي الشعبية النوبية)، وقلت لها إن منها ما يلبس حول العنق، ومنها يتدلى على الصدر، ومنها ما يعلق في الأذنين، ومنها ما يرص فوق الشعر أو حول الرأس والوجه، ومنها ما تزين به الجبهة أو يشبك بالأنف، ومنها ما يلبس في الأيدي والأذرع، وفي أسفل الساق، وجميعها مصنوعة من معدن الذهب، إما البندقي عيار (24( المعروف بلمعانه وشدة ليونته أو عيار (21).


أما عن حلي العنق والصدر فتتضمن:

البيه أو البيق
وهو عبارة عن عقد أو قلادة تلبس حول العنق وتتدلى حول الصدر، تتكون من ست قطع مسطحة كمثرية الشكل، وبها رموز وزخارف مشكلة بالبارز، كالأهلة والنجوم، يتوسطها دلاية أخرى مستديرة تسمى (ماشاء الله)، تستخدم هذه الحلية للوقاية من العين (عين الحاسد) والسحر، ويقال أن اسمها يعني (المتألق اللامع أو اللامعة).

الجاكد
وهو عبارة عن عقد يتكون من ست قطع مستديرة مسطحة الشكل (أقراص)، خالية من أي نقوش أو زخارف، في منتصفها قطعة مستديرة أخرى، بها زخارف مشكلة بالبارز تسمى (ماشاء الله)، ويقال أن اسمها يعني (المطروق أو المشكل بواسطة الطرق).

سن آج
وهو الهلال باللغة النوبية، وهو عبارة عن حلية للصدر، كبيرة الحجم، تتكون من عدة أجزاء، أهمها وأولها هلال عريض، ويقال أن هذه الحلية كانت تصنع في الماضي من العاج أو العظم، ويظهر أن أصل تسمية هذه الحلية (سن عاج)، ونظرًا لعدم وجود حرف (العين) في اللغة النوبية، فقد تم استبداله بحرف (الألف)، فعرفت بـ (سن آج) أو (سن ناج)، وتستخدم للوقاية من العين الشريرة والحسد.

النقارة أو النجارة
تتكون هذه الحلية من ست قطع أو وحدات عبارة عن شكل يشبه زهرتين دائرتين مشغولتين بالبارز، والزهرة أشبه بصندوق أو علبة مقفلة، وفي وسط هذه القطع أو الوحدات دلاية على شكل هلال، وتسمى هذه الدلاية بـ (فرج الله)، وهى في الغلب تقليد لعملة أجنبية أصلها من النمسا.

الدوجة
وهى حلية تلبس حول العنق، بل ملاصقة له تمامًا، ويقال أن أسمها مأخوذ من معنى (الشيء الدقيق أو الدقة)، وتلبسها نساء قبيلة (الجعافرة) المنتشرة في السودان ومصر.

السعفة أو السافا
وهى حلية تشبه (الدوجة) لكنها تختلف عنها في الشكل والتكوين، وتتكون هذه الحلية من تسع وحدات، كل وحدة عبارة عن صندوق مربع فارغ من الداخل، وبه خازف على شكل نجمة كبيرة مخمسة الأطراف في الوسط، وحولها خمس نجوم صغيرة، ويقال إنها من أفضل الأنواع المحببة للمرأة النوبية، حيث أن هذه الصناديق المربعة تمثل مصاحف القرآن الكريم، ويعود تسميتها بهذا الاسم نسبًة إلى سعف النخيل.

الحفيظة أو الحافظ
وهى حلية تلبس حول العنق، مسطحة مستديرة، تقوم بدور الـ (ماشاء الله) في حفظ من يرتديها من النساء، وسطحها منقوش ومقسم إلى دوائر، ففي مركزها دائرة صغيرة مكتوب عليها (توكلت على الله)، ثم تليها عبارة أخرى مكتوب عليها (بسم الله ماشاء الله يا حافظ يا أمين).

الصرة
وهى حلية تعلق في العنق وتتدلى على الصدر حتى تصل إلى موضع الصرة تقريبًا، وربما سيمت بهذا الاسم نسبًة إلى ذلك، وتتكون هذه الحلية من جسم رئيسي من الفضة، وهى تشبه ما يعرف بـ (حجاب السملك)، إلا إنها أكبر حجمًا.

الحلالة
وهى حلية فريدة من نوعها، تتكون من أجزاء عديدة، تبدأ من أعلى بدبوس مشبك يتصل بحلقة، معلق بها هلال كبير، وطرفاه مقفلان قليلًا، وعلى الهلال ثلاثة فصوص، في الوسط فص أزرق، وفص أحمر بالقرب من كل طرف من طرفي الهلال، وسطح الهلال مزخرف بأشكال وخطوط، ويتدلى من منتصف الهلال الكبير بواسطة حلقة كبيرة مثلث متساوي الساقين، ويتدلى من كل طرف من طرفي المثلث الكبير دلايتان على هيئة مثلثين صغيرين أرق سمكًا.

أما حلي الرأس والوجه فتتضمن:

(البلتاوي أو الزمام)
وهو قرط على شكل هلال، مزخرف بالمثلثات المتجاورة في صفين.

الشنف أو التميم
قرط على شكل هلال، لكنه أصغر حجمًا ووزنًا من قرط (البلتاوي)، لأنه يعلق في الأذن من أعلى، وليس في شحمة الأذن، وتلبسه نساء (الفاديجا) فردة واحدة في ثقب في أعلى كل أذن.

الشاوشاو
حلية تعلق على جانبي الرأس، تنسدل بجوار الأذنين لتصل إلى الأكتاف، ويتصل جزءًا منها بواسطة شريط يمر ويثبت فوق الرأس، ويتدلى من هذه الحلقة سبع سلاسل وتنتهي بمثلثات (أحجبة) مسطحة متساوية الساقين، ويركب على الحلقة قطعة مستديرة من الذهب بنفس قطر الحلقة، بها خمسة أو سبعة أصناف كور بارزة، وتسمى هذه القطعة (دينار)، ويقال أن اسم هذه الحلية مأخوذ من الصوت الذى تحدثه المرأة أثناء سيرها عند ارتداؤه، وخاصًة أثناء أداء الرقص في المناسبات السعيدة.

قص الرحمن
حلية للجبهة تلبس – غالبًا – مع حلية أخرى للرأس والشعر تسمى (رصان)، وهى على شكل مثلث مسطح يتصل من أعلى بشريط مستطيل مشرشر الحواف.

الرسان أو الرسن
حلية للرأس وملاصقة للشعر، وتلبس عادًة مع (قص الرحمن)، وهى عبارة عن سلسلة يتدلى منها اثنتي عشرة وحدة أو دلاية صغيرة مسطحة كمثرية الشكل، وعلى كل منها تشكيل بالبارز، وهى تشبه قلادة (البيه) من حيث الشكل والتشكيل، إلا إنها أصغر حجمًا.

الدينار و الكوكب
(الدينار) حلية للجبهة عند قبائل الكنوز والعبابدة، تتكون من دائرة أو قرص مسطح، عليها تشكيل بالبارز عبارة عن ستة أصناف من كور مثل الأفلاق موزعة على محيط القرص بمسافات متساوية، أما حلية (الكوكب) فهى تماثل حلية (الدينار) تمامًا، غير أن الثانية مسطحة، والأولى مقببة، وحلية (الكوكب) للجبهة فقط، وتدل على المرأة المتزوجة.

الرصة
حلية للرأس والشعر، وتتكون من ثلاثة عشر قطعة مسطحة مستديرة، عليها تشكيل البارز، واحدة من هذه القطع أكبر حجمًا، وهى تركب إلى الخلف لتشبك منها، وتثبت الحلية في شعر الرأس.

الودعة
حلية تعلق فوق الجبهة، وتتكون من مثلثين أو حجابين، وكل منهما عبارة عن علبة أو صندوق مقفل، وهو مشكل من صفائح رقيقة من الذهب، ويتدلى أسفل الحلية صف من الدلايات الصغيرة (برق)، ويتكون من سبعة بروق مسطحة كمثرية الشكل، وكل منها زخرفة بارزة، ويعود تاريخ هذه الحلية إلى أواخر العصر الحجري الحديث.