عُرف بكونه من أهم النباتات الصناعية الجديدة، للعديد من الأسباب أهمها، أنه يناسب الزراعة في الصحراء والظروف المناخية القاسية كارتفاع درجة الحرارة، أو انخفاضها بشدة.. تحدث عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 25 مايو الماضي، خلال مؤتمر تنمية جنوب الوادي، وأعلن نجاح زراعته في مصر، باستخدام مياه الصرف الصحي والصناعي المعالج.. إنه نبات "الجوجوبا".

  "الجوجوبا نباتات الطاقة الحيوية الجديدة والمتجددة غير التقليدية، تتمتع بقيمة  اقتصادية من الزيت الذى تنتجه ويعادل نصف وزن بذرتها، ويشبه في مواصفاته الطبيعية زيت كبد الحوت"، كما استهل د. مجدى محمد ملوك وكيل وزارة الزراعة الأسبق ، حديثه لـ"سبوت"، موضحا أن "الجوجوبا" نباتات برية موطنها الأصلي صحراء السونارا جنوب غرب الولايات المتحدة - ولاية أريزونا - وشمال غرب المكسيك، ويتراوح طول الشجيرة من 2 إلى 4 مترا، وتتناسب طبيعتها مع الظروف المناخية الحارة، وهي شجرة معمرة لنحو 200 عام، و تجود زراعتها  في الأراضي الصحراوية والهامشية، وتعطى محصول وفير وبجودة عالية عند ريها بالمياه غير التقليدية مثل مياه الآبار عالية الملوحة ومياه الصرف الصحي والصناعي المعالج.



مشروع استثماري
وتعد الجوجوبا، مصدر دخل جيد للمستثمر، إذ أن زراعة هكتار واحد (2.3 فدان) منه  توفر فرصتين عمل بشكل مباشر، فضلا عن من 6 – 8 فرص عمل غير مباشرة، والحديث مازال لـ د. مجدي، وذكرت بعض المراجع أن زراعة هكتار واحد من شجيرة الجوجوبا، قد يحتجز نحو 20 طنا من  ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ويطلق نحو 6 أضعاف هذه الكمية أكسجين أي 120طن/سنة.

ويستهدف  مشروع زراعة نبات الجوجوبا في الأراضي الصحراوية، تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى العوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بحسب وكيل وزارة الزراعة السابق، إذ تعتبر أشجار الجوجوبا مُعمرة وذات عوائد اقتصادية كبيرة تتجاوز 100 ألف جنيه للفدان الواحد سنوياً، فضلا عن إقامة العديد من الصناعات على زيت الجوجوبا في قطاعات زيوت المحركات الثقيلة وبريمات التنقيب عن البترول والصواريخ والدبابات وزيوت التشحيم ومانعات الصدأ وإنتاج الميثانول والوقود الحيوي، ومنتجات تشميع ثمار المحاصيل، ومنتجات الوقاية من أمراض النباتات.

القيمة الاقتصادية
ويدخل زيت الجوجوبا في تصنيع أكثر من 50 منتج حتى الآن، كما أوضح د. مجدي، إذ ترجع القيمة الاقتصادية للنبات  لما ينتجه من زيت مميز، يستخدم أيضا في مستحضرات التجميل والمستحضرات الطبية، والمشتقات الكيميائية عالية القيمة،  مشيرا إلى إن وجود 44 ذرة كربون بها يزيد طاقتها عن 40 ميجا جول / كجم ومن ثم يمكن استخدامها كديزل حيوي.

ويعتبر زيت الجوجوبا أيضا، مصدراً فريداً للكحولات الأحادية غير المشبعة والتي تم تصنيفها على أنها منتجات ذات قيمة مضافة مرتفعة، وينمو في التربة ذات الخصوبة الهامشية، ويحتاج إلى كمية أقل من المياه مقارنة بمعظم المحاصيل، ويقاوم الملوحة، ويحتاج إلى كميات أسمدة منخفضة، كما ذكر د. مجدي ملوك، قبل أن يتابع: "الجوجوبا  أثبتت نجاحه الكبير في استخدام مياه الصرف الصحي الصناعي المعالج في زراعته، دون أن يتأثر بأمراض كارثية أو آفات حشرية، بخلاف أن الكُسب المتبقي بعد استخلاص الزيت يتضمن محتوى طاقة أعلى من 13 ميجا جول / كجم، وبالتالي فهو مناسب لأعمال الاحتراق المباشر.



صناعة متكاملة
اما عن نواتج التقليم في الجوجوبا، بحسب وكيل وزارة الزراعة السابق،  فإنها  تتيح  السماح بإقامة صناعة متكاملة على هذه البقايا في صناعة الأسمدة العضوية، بخلاف استخدام الزيت أيضا في إنتاج مبيدات متخصصة من زيت الجوجوبا وأيضا استخدام المخلفات النباتية لشجرتها  في مقاومة "النيماتودا" - كائنات حية دقيقة كالديدان توجد في التربة والمياه، تهاجم معظم الحاصلات الزراعية، وتسبب خسائر فادحة للمزارعين-، لافتا إلى أن الفوائد البيئية لشجيرات الجوجوبا، تتمثل في أنها تقاوم شدة الرياح وزحف الكثبان الرملية وتتحمل الإجهادات المختلفة ومصدر جديد ومتجدد للطاقة النظيفة.

 وبحسب د. مجدي ملوك، الذي يشغل الان رئيس الهيئة الاستشارية للشركة المصرية الخليجية لاستصلاح الأراضي الصحراوية،  فإن القطاع الخاص يعد  ذراعا أساسيا في مثلث التنمية المستدامة التي تسعى مصر لتحقيقها في رؤيتها  2030 ، لذلك فإن  الشركة المصرية الخليجية لاستصلاح الأراضي الصحراوية تنتهج  اسلوبا  علمياً يعتمد على التخطيط والمتابعة واتباع مبادئ البحث والتطوير، وذلك حتى تتحقق الإدارة العلمية للموارد البيئية، والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة وآليات السوق بما لديها من  سلالات جوجوبا منتخبة مسجلة في  وزارة الزراعة و تبدأ إنتاجها من العام الثالث ويصل إنتاجها في العام السابع إلى أكثر من 7كجم/شجرة، بل وتعد أكبر مشتل لإنتاج شتلات الجوجوبا ذات ناتج إكثار خضري من أصول منتخبة عالية الإنتاج بطاقة إنتاجية 5 ملايين  شتلة .



نماذج ناجحة
ووفقا لـ د. مجدي ملوك، فإن شركته تمتلك مساحات هائلة من الأراضي المنزرعة وتقوم بعمليات الرفع المساحي للأرض المستصلحة وتقسيم الطرق وحفر الآبار وتركيب شبكات الري بالطرق الحديثة، وفقاً لبرامج علمية متكاملة قام على وضعها وتنفيذها باحثون وخبراء، كما أن لديها أيضا مصنعا متطورا لعصر بذور الجوجوبا بأحدث التقنيات، مع  تعظيم الاستفادة من القيمة المضافة لمخلفات العصر، ما أهلها لفتح قنوات محلية ودولية للتوسع في زراعتها  وتصنيع وتسويق منتجاتها.

وبحسب م. اسماعيل محمد احمد رئيس الشركة المصرية الخليجية لاستصلاح الأراضي الصحراوية فإن الشركة تنفذ مشروع زراعة الجوجوبا بمدينة الغردقة، على مساحة 3 آلاف فدان تنفيذاً لبروتوكول تعاون بين الشركة وهيئة تنمية الصعيد ومحافظة البحر الأحمر، وذلك لاستيعاب 90 ألف م3 من مياه الصرف الصحي المعالج، ليمثل المشروع النموذج الأنجح للاستخدام الأمثل لمياه الصرف الصحي ليضاف إلى حصيلة الثروة المائية وليس عبأ على البيئة، إذ يأتي هذا المشروع العملاق، في إطار توجيهات دعم خطة التنمية المستدامة 2030 لمحافظات الصعيد بمشروعات كبرى تعتمد على الاستغلال الأمثل للموارد المحلية وتحقق نمو يستفيد منه المجتمع والبيئة.



استثمار للمياه
 ووفقا لـ م. محمد مختار رئيس شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء، فإن مشروع شركة كهرباء أسيوط لزراعة 100 فدان، بنباتات الجوجوبا يهدف إلى التخلص الآمن من نحو 2000 م3 يومياً من مياه الصرف الصناعي الناتج من عمليات إنتاج الكهرباء، ولتتحول فكرة التخلص من هذه النوعية من المياه إلى الاستثمار فيها بل لتكون نموذجاً يحتذى به لقطاع إنتاج الكهرباء في الشرق الأوسط.

اما مشروع شركة تكرير بترول أسيوط فقد تجاوز عمر مشروع زراعة الجوجوبا فيها  12 عاماً، ويعتبر نموذجاً للاستخدام الأمثل لمياه الصرف الصناعي الناتجة عن شركات البترول، وقد تجاوز إنتاج الشجرة الواحدة نحو 7 كيلو جرامات في العام ليؤكد مجددا على منهج الاستثمار في مياه الصرف الصناعي.
 
الجوجوبا في كل مكان
ويلتقط طرف الحديث من جديد،  م. محدي ملوك ليوضح ان الشركة تنفذ ايضا مشروع زراعة الجوجوبا بمركز باريس ويقام على مساحة 2500 فدان بمحافظة الوادي الجديد باستخدام المياه الجوفية، وقد فاز بأفضل المشروعات الخضراء الذكية ذات الفئة الكبرى من وزارة التخطيط وليكون المشروع السفير لمؤتمر متعدد الأطراف COP28، أصبح مزاراً للمستثمرين بمحافظة الوادي الجديد .. ونتطلع لإقامة مدينة صناعية لمنتجات الجوجوبا بهذا الموقع.

ويضيف م. ملوك ان الشركة نفذت مشروعات زراعة الجوجوبا باستصلاح وزراعة 3.5 آلاف فدان، مملوكين لها، بمناطق المغرة محافظة مطروح، والعلمين محافظة مطروح، فضلا عن استصلاح وزراعة ألف فدان لشركة الريوم الاستثمارية بوادي النطرون محافظة البحيرة، و5 ألاف فدان لشركة البادية الاستثمارية بمحافظة الوادي الجديد، 200 فدان في البحيرة، وجميع تلك المشروعات لصالح القطاع الخاص، إضافة إلى 500 فدان، للشركة الوطنية للقوات المسلحة (قطاع عام) بمحافظة أسيوط، و50 فدان في دير المحرق بمحافظة أسيوط أيضا، وفي الخارج و120 فدان لصالح أرامكو بالسعودية.