تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ترى بعضًا من أهم الآراء في عالمنا المعاصر، أن العالم الذي هو قرية واحدة حقيقة واقعية، وأن العالم ما بعد الحديث الذي هو الوجه الثقافي للعولمة بمعناها السياسي.
لهو عالم يستطيع إنتاج الحكايات بغزارة، إنه عالم يعبر عن ثقافة روائية، وبذلك نخلق وضعًا لا بد لنا فيه أن نستهلك السرد الدائم للعلاقة الاجتماعية للأفراد، وتحديد الفرد كمنتج لمعنى العيش مغمورًا بكل هذه الروايات.
روايات وسرديات متصلة، فمع انتهاء صدمة كورونا الأولى واستعادة العالم لقدرته على الحياة الطبيعية نسبيًا، والتعايش مع الوباء تدريجيًا، اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية لتخلق حالة من التوتر في معظم أنحاء العالم، انعكست على تفاصيل يومية عديدة، أثرت على خطط كانت معدة، وعلى أعمال لأفراد لا شأن لهم بالسياسة تم تأجيلها، وتوترات عنيفة في سوق الغذاء والطاقة في أرجاء الدنيا الأربعة.
ما يؤسس لسلوكيات اجتماعية ثقافية في التعايش مع الأزمات الكبرى.
وبالتالي فالثقافة العامة المسيطرة تنبع من كوننا كأفراد طبيعيين نعيش مغمورين في هذا السرد الروائي.
نسرد معنى تصرفاتنا في الماضي ونستشرف محصلة مشروعاتنا في المستقبل، ونحدد مواقعنا في نقطة تقاطع عدة قصص لم تكتمل بعد. ويأتي ذلك الفهم من زاوية نظر ترى الثقافة هي الممارسة الحياتية لمجموعة من الأفراد.
ويتضح بوضوح أن ذات القيم نفسها تستخدم من أطراف متعددة، خاصة في حالات النزاع الدولي المسلح، إلى التغير في مسألة الفاعل والمفعول به إذ إنه في ظل العوامل المساعدة والعوامل المضادة، لا يوجد فاعل دائم ومفعول به مستمر.
ذلك أنه يتم التبديل في الخانات وفقًا لحركة الفعل المغمور بحكايات وسرديات متناقضة تستخدم الماضي وتدمجه كما تحاول إدماج المستقبل، في واقع مرير متفتت.
يحدث هذا في واقع يعيد سرد نفسه وعرضها عبر الآراء، إنه مسرحة في جوهره، إنها المسرحة التي تعيد سرد الواقع في قصص لا نهائية عبر المواقع الإلكترونية الدولية.
إنه المجتمع المسرحي كما أسماه الناقد الإنجليزي الشهير رايموند ويليامز في رؤيته كناقد ثقافي يحلل الواقع.
ومصطلح المجتمع المسرحي يمكن أن يفسر لنا بسهولة، كل تلك المشاهد الكثيفة والمدى الهائل من الصور المتعددة اللانهائية.
وهو الأمر الذي يظهر في كل مناح الحياة العادية.
وتلك المسرحية تساهم في أداء عام يكسر الحدود بين المؤسسات المختلفة، ويعبر الحدود التي تفصل بين الطبقات وبين الأعراق والهويات القومية. وهكذا وفي إطار السعي الدائم للمؤسسات والأفراد للتعايش مع الأزمات الكبرى المستمرة، بدأ الأفراد حول العالم في التعايش مع الحرب الروسية الأوكرانية، وبدأت المؤسسات تضع خططًا للتعامل مع الأزمة المستمرة الضاغطة، ما أثر على الممارسة الحياتية اليومية، والتي تتصف بالتوتر والقلق والحذر، وهنا يحدث قدرًا من التدفق الثقافي الحر القادر على إحداث تبادل في الآراء بين الأطراف المتصارعة، وذلك عبر التدفق الحر التبادلي، الذي سيؤدي لنظرة أكثر واقعية من الجميع وهو الطريق لإنهاء الحرب.
يمكننا تأمل نظرة شرقية صينية لتلك الحرب مدهشة جدًا وهي نظرة عامة يمكن فهمها عبر تأمل ما كتب السيد لينج . و. ي، صيني في الثالثة والعشرين من عمره المأخوذ بفضوله للثقافة الغربية، وخلال رحلة إلى أوروبا وبخبرة مباشرة أرسل رسالة إلى صديقه الفرنسي الذي تبادل معه الزيارات، فقال: السيد العزيز إني أرى الأوروبيين وأستمع إليهم، وأعتقد أنهم لا يفهمون ما هي الحياة؟ لقد اخترعوا الشيطان وإنني ممتن لخيالهم في هذا، ولكن منذ أن مات الشيطان يخيل لي أنهم صاروا فريسة ألوهية فوضى أعلى منه مرتبة:
وهي العقل، لقد قُد العقل عندكم بطريقة أحادية مثله في ذلك مثل الحياة التي لا تدركونها إلا مُجزأة.
فدائمًا أنتم متجهون نحو هدف، ونحو ذلك الهدف أنتم محمولون عن بكرة أبيكم، أنتم تريدون الغلبة، فماذا تجرون تحت انتصاراتكم البائسة؟
حقيقة الأمر أن العالم بأفراده المميزين وغيرهم يسعون إلى التعايش مع تلك المحاولات للنصر البائس.
أن استكمال الرؤى المتعددة التي يتم فيها إدماج النظر نحو المستقبل بلا قلق أو فزع أو اضطرار إلى التعايش الدائم مع الأزمات فهو أمر مرهون بالنظر للكليات والتخلص من تفتيت عقلي كبير ملازم لسيولة حالة ما بعد الحداثة التي يعيشها عالمنا المعاصر في محاولة للتواؤم مع الأوبئة والحروب والنظر للغد في قلق رهيب.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية