تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
من أرشيف الصحافة.. لأخوان تيمور يصدران أول صحيفة محلية من المنزل.. كيف ظهرت ولماذا توقف
يعد الأديب محمود تيمور هو عميد القصة العربية بلا منازع، وآخر أغصان الدوحة التيمورية، التي أخرجت العديد من الشخصيات البارزة فى حقل الأدب، فوالده العلامة أحمد تيمور باشا الذي كرَّس حياته لخدمة اللغة العربية ومعارفها وتراثها، ومكتبته المتواجدة حتى الآن بدار الكتب المصرية تمثل أعرق المجموعات الخاصة، وعمته هي الأديبة عائشة التيمورية، وأخوه الأديب الكبير محمد تيمور، أحد مؤسسي الأدب المسرحي في مصر والعالم العربي.
ولد محمود تيمور في يونيو من عام 1894م ، بمنطقة درب سعادة بالقاهرة، ، وتلقى تعليمه بمدرسة الزراعة العليا، ونشأ في كنف الأسرة الأدبية الأعرق في تاريخ مصر الحديثة.
"بوابة الأهرام" تنشر مقالاً نادرًا لمحمود تيمور كتبه في مجلة "الأثنين والدنيا" قُبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، يستعرض فيه تأسيسه لصحافة محلية من خلال إصدار أول جريدة من المنزل.
أوضح تيمور في مقاله أنه كان شغوفًا هو وشقيقه الأديب الكبير الراحل محمد تيمور بمطالعة الصحف، والتأمل في أخبارها ومقالاتها، وقد تحول هذا الشغف للإصرار على إصدار صحيفة مقرها المنزل، وتم إعداد المعدات اللازمة لإصدار الصحيفة من الحبر والورق، وقد كانت النية معقودة على جعلها صحيفة يومية لتكون أول صحيفة تصدر من خلال منزل، وقد ساعد شهر رمضان على تنفيذ الفكرة.
وقد صدر العدد الأول من الجريدة بتحرير محمد تيمور، وشقيقه محمود تيمور، وقد كانا أيضا من جمهور الصحيفة، وكذلك الناشرين والطابعين لها، وكذلك الموزعين ، وقد صدر العدد الأول منها في صحيفة من ورق الكراسات المدرسية، وكان المطبوع منها وجها واحدا فقط، وكانت تحوي اسم رئيس التحرير بارزًا ومساعده في حجم لائق، وكان عدد صفحاتها لا يتجاوز 10 ورقات.
وجدت الصحيفة إقبالاً وانتشارًا رهيبًا، كما يؤكد محمود تيمور في مقاله، لذا تم وضع خطة للتطوير والتجديد بها، حيث خرجت الصحيفة في صفحتين مطبوعتين الأولى للمقالات والأخبار، والصفحة الأخرى للصور الهزلية الساخرة.
وقد اعترف محمود تيمور أن صحيفة المنزل كانت تعتمد على ما تنشره مجلة "خيال الظل" المصورة من الرسوم الفُكاهية فنقوم بنقلها متحريين الصدق والأمانة، حيث كانت تكتب صحيفة المنزل أنها نقلا من مجلة "خيال الظل" المصورة.
ومجلة "خيال الظل" المصورة، كانت من المجلات الأولى التي اهتمت بفن الكاريكاتير في مصر والوطن العربي، حيث صدرت قبل الحرب العالمية الأولى، وأصدرها سليمان فوزي وأحمد حافظ عوض.
ويؤكد محمود تيمور في مقاله عن صحيفة المنزل، إن الشقيق الأكبر إسماعيل، رغم نزعته الأدبية كان رافضا أشد الرفض لصحيفة المنزل، وكان يستهين بالصحيفة ويهاجمها؛ لذا قررت الصحيفة أن تجعل في زاويتها نزعة معارضة حزبية، مضيفا أن الصحيفة ظلت تسير في خطتها حتى وقع حادث الشيخ الذي كان يأتي للمنزل لقراءة القرآن الكريم في المنزل.
كان الشيخ يلفت النظر في أدائه لأذان الإفطار، وقد كان يطيل الآذان بطريقة غريبة، وكان يجعلنا نتأخر في الإقبال على الإفطار؛ لذا قمنا بمحاولة الانتقام منه بكتابة موضوع ساخر عنه في صحيفة المنزل، وقمنا بالكتابة، وقد فوجئنا بثورة عارمة بكل من في المنزل ضد الصحيفة، بل اقتحم الشيخ مقر الصحيفة في المنزل وقام بمصادرة الأعداد، وبعد الثورة العارمة في المنزل، والتي قادها الشقيق إسماعيل تيمور، تم اجتماع مجلس إدارة الصحيفة قُبيل السحور، وقد تم اتخاذ قرار أن المرونة أفضل من التشدد والمعارضة؛ لذا تم إصدار قرار بوقف الصحيفة حتى حين وكان هذا هو آخر عهد لي بصحيفة المنزل المحلية التي دام صدورها شهر رمضان بأكمله، وما شهر رمضان على الصائمين بالعمر القصير.
أُصيب محمود تيمور بمرض التيفود وهو شاب، بينما شقيقه الأديب الكبير محمد تيمور صاحب المؤلفات انصرف لكتابة القصص والمسرحيات، وقد توفى في عمر صغير في عشرينيات القرن الماضي، ولم يكن المرض هو مأساة تيمور الوحيدة؛ فقد كان فقدُهُ لأخيه محمد مأساةً أخرى، صبغت حياته بحالة من الحزن والتشاؤم والإحباط، لم يستطع الخروج منها إلا بصعوبة بالغة، وقد تركت تلك المأساة في نفسه مرارة لا تنتهي، وحزنًا لا ينقضي، وكان ملاذه الوحيد وسلواه في كل تلك المحن والأحداث هو الكتابة، يَهرع إليها ليخفف أحزانه، ويضمد جراحه، ويتناسى آلامه.
وقد انعكس ذلك في غزارة إنتاجه وكثرة مؤلفاته، وقد اعترف عميد الأدب العربي طه حسين، بموهبة محمود تيمور الفذة، حيث أكد" أن محمود تيمور هو الكاتب المصري الوحيد الذي وصل إلى الجماهير المثقفة وغير المثقفة، فلا يكاد يكتب، ولا يكاد الناس يسمعون بعض ما يكتب حتى يصل إلى قلوبهم.
من أهم مؤلفات محمود تيمور، الشيخ سيد العبيط (1925)" ، و"رجب أفندى" (1928) ، و"الحاج شلبى" ( 1930) "نداء المجهول" (1939)، التي كانت من المقررات المدرسية فى مصر، و "كليوباترا فى خان الخليلى" (1945) ، و"سلوى في مهب الريح" (1947) ، و أبو على الفنان وقصص أخري، وإحسان لله، وغيرها من المؤلفات الأدبية، بالإضافة لمسرحيات اجتماعية، ومسرحيات استوحاها من التاريخ القديم، وقد كان عضوا في المجمع اللغوي، وقد حضر مؤتمرات دولية في عدد من العواصم العربية والأجنبية، وقد كرمته الدولة المصرية بجائزتها التقديرية سنة 1963م، وقد توفى في لوزان بسويسرا في 25 أغسطس من عام 1973م ، وقد تم نقل جثمانه للقاهرة بناءً على وصيته.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية